يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

انتداب .... أم استقلال؟!؟!

Friday, August 7, 2020 7:49:39 PM

بقلم سنا أبوحيدر
منسقة العلوم الاجتماعية في مدرسة يسوع ومريم-الرابية

.. ما كان يلفتني عند طلابي الاحبّاء عندما كنت أشرح لهم عن تاريخ لبنان الحديث والمعاصر أسئلتهم العفوية..
" مِس" أي احتلال أو إنتداب كان الافضل للبنان؟؟!!
أضحك في سرّي وأجاوبهم لا هذا ولا ذاك. لا أستطيع أن ألومهم إذ كل ما أشرحه لهم عن تاريخ لبنان هو عبارة عن خط زمني تاريخي لحروب ومجازر واحتلالات ولائحة طويلة من الانقسامات والاتهامات والتدخلات...
لفترة طويلة من الزمن لم يعش اللبنانيون ولا مرّة استقلالاً حقيقيًا ولا حتى استقلال 1943.. نعم ولا حتى استقلال 1943.
لبنان، كان دائمًا ساحة هجينة لأطماع الغير .. ودائمًا كان اللبنانيون على اختلاف دياناتهم وطوائفهم ومناطقهم منقسمين على ذواتهم قبل لبنانهم.
ما دفعني الى كتابة هذا المقال ومشاركتكم أصدقائي به هو ما راعني سماعه مؤخّرًا مع زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون التعاضدية البارحة للبنان. إذ ان عددا كبيرا من اللبنانيين الذين اعرفهم ولا أعرفهم بدأوا يتمنون أو يطالبون الرئيس الفرنسي
بـ " الانتداب"، حتى أن بعض الصحافيين " العجاف" بادروا الرئيس ماكرون بذلك. وما راعني أكثر، عندما بدأ قسم من اللبنانيين (كما جرت العادة) الممتعضين من شكل الزيارة ومواقفها بإعطاء دروس في الخيانة والعمالة والوطنية. عِلمًا أن هؤلاء وبمعظمهم منحازون أو منقادون أو "مُتبعون" أو الثلاثة معًا.
تاريخ لبنان الحافل بالحروب والانقسامات أوصل اللبنانيين الى ان يختاروا بين السيء والاسوأ، بمعنى بين أي احتلال واحتلال، أو أي انتداب وانتداب، أو أي دولة صديقة وصديقة، أو أي دولة حنونة وحنونة، أو أي حاكم وحاكم..
لدرجة أن هذا التاريخ غير الموحّد في الرؤية إما لم يُنصفهم أو أنه أنساهم:
حقّهم في الحياة الكريمة
حقّهم في الحرية المنصانة
حقّهم في الكرامة المكلّلة بالغار
حقّهم في السيادة الغرّة
لا .. لا أظن، وأشدّد على " لا أظن" ، أنه ليس هناك من لبناني مثقّف وواعٍ وحرّ يطالب بانتداب أو بإرجاع انتداب أو أي شكل من أشكال وصاية.
إلاّ أن " بليّة" لبنان هي حكامه ومسؤولوه منذ استقلال 1943، نعم منذ استقلال 1943 حيث شهد أول فضيحة فساد والتي مع الزمن تحوّلت الى كرة ثلجٍ ضخمة أوصلت طغمتها اليوم لأن يقتل حكّام لبنان ومسؤولوه العِجاف شعبه الحرّ والمكافح بعرقه وخبزه وياسمينه، كما بدورها أوصلت هذا الشعب اللبناني العَطِر الى يأسٍ غير مسبوق لدرجة التمسّك
ولو حتى " بحبال الهوا" إن وُجِدت.
تجدر الملاحظة هنا، عندما أقول منذ استقلال 1943 لا يعني أنّ جميع الحكّام اللبنانيين الذين تعاقبوا على الحكم كانوا بالدرجة نفسها من الاداء المشوّه، لا بل كان هناك استثناءات وصفحات بيضاء. لكن الصورة البانورامية العامة لا تعكس إلاّ هذا الواقع الاليم.
فيا أيها اللبنانيون المنقسمون على بعضكم البعض حتى في أحلك فترة تاريخية معاصرة يمرّ بها لبنان اليوم
" روقوا على بعض".
إنه ليس زمن إطلاق الاتهامات أبدًا.. وأي اتهامات:
" الخيانة" خيانة الاشخاص على حساب الوطن!!
" العمالة" .. طلع العدو منّا وفينا!!
" الوطنية" المنخورة بالسوس!!
دعونا من النكد والاحقاد..
يومنا الاسود هذا يتطلب منّا:
التضامن والتعاضد
الترفّع عن كل متعة سياسية دنيئة لولادة قيصرية " للبنان جديد" لم يعرفه تاريخه سابقًا.
هل أحلم؟؟؟ لا... لماذا؟؟؟
لأنني مؤمنة بذاتي وقدراتي أولاً
وبأجيالي ثانيةً التي أئتمنتني على حياتها، وشرفها، وكرامتها، ووطنيتها
والتي بدورها شرّفتني اليوم بمواقفها، ونضجها، ومبادراتها، ورقيّها الانساني الذي لا مسَّ فيه.
أنحني.....!!!!

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟