يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

بانتظار استحقاق تشرين الاميركي.. واشنطن وحزب الله: لا إقالة لسلامة ولا إقالة لدياب

Tuesday, August 4, 2020 4:05:17 PM

خاص "اللبنانية"

على اثر انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية في نهاية تشرين الاول عام 2016، وبعد تأليف الحكومة طُرِح بقوة تغيير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الممدد له لولايات عدة منذ تعيينه عام 1993 والتي كان طوالها، والى اليوم، يطرح اسمه جدياً في لائحة المرشحين الجديين لرئاسة الجمهورية.
كانت الهدف من تغيير سلامة يومها ذا وجوه ثلاثة:
ـ الاول، ان العادة جرت ان كل رئيس جمهورية جديد يغيير وجوه المواقع الادارية التي تتولاها طائفته المارونية، وابرزها حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش، وكان ضمنها سابقا المديرية العامة للأمن العام قبل ان تصبح من حصة الطائفة الشيعية. بحيث يعيين فيها اشخاصا يوالون عهده ويكونون من معاونيه الكبار.
ـ الثاني، ان سلامة اقام طويلا في حاكمية مصرف لبنان وان كان القانون يجيز تجديد تعيينه، وان لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء الحق في طلب تغييره، وكان المراد من التغيير حينها تغيير السياسية المالية لمصرف لبنان والتي وضعتها الحريرية السياسية (التي لطالما عارضها عون قبل منفاه الباريسي وخلاله وبعده) وهي كانت من جاءت بسلامة من موقعه كنائب رئيس شركة "ميريل لينش" العالمية ومقرها باريس الى حاكمية مصرف لبنان بعد تولي الرئيس رفيق الحريري رئاسة الحكومة للمرة الأولى عام 1992 .
ـ الثالث، ابعاد سلامة عن لائحة مرشحي رئاسة الجمهورية في اعتبار ان موقعه كحاكم مصرف لبنان يعزز من حظوظه الرئاسية، وهذا الابعاد صار ضرورة ملحة بالنسبة الى عون الطامح لتأمين صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل خليفة له في رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولايته خريف العام 2022.
وعند تعيين سلامة عام 1993 كانت العلاقة بينه وبين حزب الله عادية وحذرة نتيجة العلاقة الحذرة التي كانت تقوم بين الحزب ورفيق الحريري، ولكنها تحسنت مع الايام نتيجة تحسن العلاقة بين الحزب والحريري، ودخل عليها تحسن العلاقة بين سلامة والقيادة السورية حيث استطاع ان ينسج علاقة مع دمشق ككل الشخصيات المارونية الطامحة للوصول الى رئاسة الجمهورية في اعتبار ان دمشق كانت تلعب دور الناخب الاكبر في كل استحقاق رئاسي لبناني طوال فترة الوجود العسكري السوري في لبنان من العام 1976 وحتى العام 2005.
وتعزيزا للعلاقة وللتواصل الدائم بينهما عين حزب الله احد نوابه قناة تواصل دائم مع سلامة حيث كانت تعقد بين الجانبين اجتماعات دورية وحيث تدعو الحاجة، وهي علاقة تمسك بها سلامة لاعتقاده ان الحزب يشكل ناخبا كبيرا في انتخابات رئاسة الجمهورية، بل ان العلاقة بين الجانبين تمتنت وتطورت الى درجة ان حزب الله وضع سلامة على لائحة خياراته الرئاسية، وكان يمكن ان يطرحه "حلا وسط" بين عون وسليمان فرنجية لو ان الاخير ظل متمسكا بترشيحه في مرحلة من المراحل.
لكن العلاقة بين سلامة وحزب الله التي لم تعكرها ازمة البنك اللبناني ـ الكندي،قبل سنوات ساءت على اثر بدء صدور العقوبات المالية الاميركية ضد حزب الله وقياديين فيه، وانصياع سلامة لها والزامه المصارف بتطبيقها، وقد طفح الكيل بين الجانبين مع قضية "جمال ترست بنك" الذي اقفلته العقوبات الاميركية المعطوفة على تقارير مصرف لبنان الى وزارة الخزانة الاميركية، وتعاظمت الازمة بين الجانبين بعد انطلاق الحراك الشعبي في 17 تشرين الاول 2019، وانكشاف الازمة المالية التي وقعت فيها البلاد والخطر الذي يتهدد اصحاب الودائع الذين تبين ان غالبيتهم العظمى تنتمي الى الطائفة الشيعية ما عرض "الحزب" لضغوط كبيرة من بيئته التي تكاد تنساق مع الاتهامات الموجهة اليه داخليا وخارجياً بأنه هو سبب كل الازمات والبلاوي التي حلت بالبلد، الى ان وصل الامر بالحزب الى الضغط بقوة، بالاتفاق مع عون وباسيل وآخربن، لإقالة سلامة محملينه المسؤولية الاولى عن الانهيار المالي للدولة نتيجة الهندسات المالية التي أجراها خلال السنوات الاخيرة، ولم يكن "الحزب" و"التيار" بعيدين عن كثير من التحركات التي انطلقت في اتجاه مقر مصرف لبنان الرئيسي في بيروت وبعض مقاره الفرعية في المناطق واطلاق الشعارات الداعية سلامة الى الاستقالة، على رغم علم الجانبين المسبق بتمسك الادارة الاميركية وحلفائها داخل لبنان وخارجه ببقاء سلامة في حاكمية مصرف لبنان، فالسفيرة الاميركية الحالية دوروثي شيا وقبلها السفيرة السابقة اليزابيت ريتشارد صارحتا المسؤولين اللبنانيين الكبار بتمسك واشنطن بسلامة ومعه نائبه الثاني السابق محمد البعاصيري. وقد حاولت الحكومة الحالية في الآونة الاخيرة اقالة سلامة بدعم عون وحزب الله ولكنها كانت تفشل في اللحظات الاخيرة في اتخاذ قرار من هذا النوع للأسباب الخارجية المعطوفة على الاسباب الداخلية التي تتفوق عليها قوة وتأثيرا، فثلاثي بري ـ الحريري ـ جنبلاط ومعه رؤساء الحكومة السابقين (السنيورة، ميقاتي، سلام) و"القوات اللبنانية" وكل ما تبقى من منظمة فريق 14 آذار، فضلاً عن البطريركية المارونية، عارضوا جميعا وبشدة اقالة سلامة. ما دفع جماعة الحراك الشعبي الى رفع شعار "يسقط ..يسقط حزب المصرف".
علما ان معارضة بري اقالة سلامة وتحذيره من ان هذه الاقالة سترفع سعر الدولار الى 15 الف ليرة وستؤدي الى ضياع اموال المودعين الذين غالبيتهم من الشيعة، فرملة اندفاعة عون والحزب الى هذه الاقالة، بدليل ان الحكومة فشلت في محاولات عدة قامت بها في هذا الاتجاه. علما ن بري كان يواجه كل ما يفاتحونه بأمر معارضته اقالة سلامة، بقوله : "دلوني على البديل". ذلك ان بري الذي كان في الاساس ضد تكليف دياب تأليف الحكومة يعارض بشدة مرشحي عون لخلافة سلامة وعلى رأسهم وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش، علما ان بري بهذا الموقف مثل ويمثل كل القوى والجهات السياسية وحتى المالية المتمسكة بسلامة. وهو يعارض بشدة ان يضع عون باسيل يدهما على مصرف لبنان وعلى السياسية المالية للدولة المنسوجة منذا العام 1992، وهو وكل من يؤيد موقفه يفضلون ان يحصل التغيير في حاكمية مصرف لبنان في العهد الرئاسي المقبل.
وفي الاونة الاخيرة وبعد فشل حملة الضغوط التي شنتها القوى المعارضة مدعومة بتأييد اميركي وخليجي لاسقاط الحكومة، تبدلت لهجة حزب الله ضد سلامة من مرتبة انه يتحمل المسؤولية الاولى عن الانهيار المالي والاقتصادي الى مرتبة انه ليس المسؤول وحده، الامر الذي فهم على انه تراجع عن هدف اقالته الى هدف تحميله والطبقة السياسية التي تؤيده وتدعم موقفه سرا او علناً المسؤولية عن الازمة.
وثمة من قال ان تفاهما غير مباشر على "إدارة الازمة" نشأ بفعل تطور الاحداث بين واشنطن وحزب الله يتوقع ان يمتد زمنياً الى اواخر السنة الجارية، وهو يقوم على المعادلة الآتية: لا اسقاط للحكومة مقابل لا اسقاط لرياض سلامة.
فالادارة الاميركية فشلت في اسقاط حسان دياب وحكومته بعدما تبين لها ان الاتفاق على البديل غير متوافرالآن، والبديل المطلوب هنا ليس سعد الحريري ولا اي من رؤساء الحكومة السابقين، وان كان الثنائي الشيعي، او على الاقل بري، ما زال يحبذ عودة الحريري. ويؤيده في ذلك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وآخرين...
وفي المقابل فشل "حزب الله" في اقالة سلامة الذي تتمسك به واشنطن وحلفائها، المحليين الظاهرين والمستترين، والخليجيين، ولذلك قبل ببقاء سلامة مقابل تأمين مصلحته ببقاء حكومة دياب التي يتحكم وعون بقراراتها الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية. فالحزب يدرك ان اي حكومة جديدة خصوصا اذا اريد لها ان تكون حكومة وحدة وطنية ستقيده سياسيا بعكس حاله مع الحكومة الحالية التي هي "حكومة اللون الواحد" على رغم بعض "العنات والهنات الهينات" التي يواجهها فيها نتيجة مواقف بعض الاطراف.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- لماذا ينتخب الثنائي مرشّح باسيل؟

خاص- احتفالات أحد الشعانين عمت لبنان.. ماذا عن أسعار الشموع والملابس؟

خاص- هل ضغط "التيار" أدى إلى تراجع الحكومة؟

خاص- أدوية خطيرة تغزو السوق.. انتبهوا!

الخازن لـ"اللبنانية": النافعة بجونية ستفتح بوقت قريب

خاص- حرب الجنوب.. مخاطر تداعيات لا يمكن التنبّؤ بها

خاص - اقترب الحل... وينتظر اختيار رئيس الحكومة

خاص- إسرائيل مستعدة لحرب الأثمان الباهظة