يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

حرب تموز الاقتصادية سقطت.. ولهذه الاسباب ستبدأ الضغوطات الاقتصادية الدولية على لبنان بالتراجع

Wednesday, July 15, 2020 10:59:47 PM

بقلم عماد جودية

الاسباب التي دفعت الجهات الغربية ببدء تخفيف ضغوطاتها الاقتصادية والمالية والنقدية تدريجيا على لبنان يعود الى انه منذ بدء الحراك المدني في السابع عشر من تشرين الاول الماضي الى اليوم لمست هذه الجهات ان كل احتجاجات الحراك المدني في الشارع التي خرجت تحت عنوان عريض وهو مكافحة الفساد ومساءلة ومحاسبة الطبقة السياسية حاملة شعار "كلّن يعني كلّن" والتي كان هدفه الفعلي دفع حزب الله تحت ضغط الجوع والحاجة المالية للناس الى القبول بمطالبة بعض المسؤولين والقوى السياسية المتماهين مع سياساتها بتخييره بين سلاحه او جوعه مع بيئته. فتبين للعواصم الغربية المعنية ان الامر سيتحول عكس ذلك وسيصبح هناك خطر حقيقي على انهيار لبنان على رؤوس حلفائها ومعهم معظم الطبقة المالية الموالية لهم والتي تدير القطاعات الاقتصادية السياحية والصناعية والتجارية والمصرفية في البلد والتي كلها وبمعظمها ذات التوجه الغربي عامة. وان خطر ذهاب الشعب اللبناني الى حافة الجوع اصبحت على قاب قوسين او ادنى وهذا الامر من شأنه ان يؤدي الى ثورة شعبية سيبقى حزب الله وسلاحه محمي منها ، لا بل قد يقودها هو للاطاحة بكل رموز الطبقة السياسية والمالية الحاكمة الفاسدة منذ اتفاق الطائف الى اليوم والتي استمرت بمواقعها ونهبت وسرقت البلد ودولته واهله بمباركة الجهات الغربية الفاعلة لانهم يقدمون لها الخدمات السياسية لصالح اجنداتها في لبنان والمنطقة .

بعد مرور عشرة اشهر على بدء انتفاضة الحراك المدني والازمة المالية والنقدية الوجودية التي اعقبته ظهرت للجهات الغربية الحقائق المخيفة التالية :

اولا : فشل مشروع "شيطنة " حزب الله وسلاحه ، وتحميله مسؤولية الازمة . لانه ثبت ان حزب الله ثابت وراسخ وقوي ليس بقوة سلاحه فقط بل باستمرار احتضان بيئته الحزبية والمذهبية والوطنية له . وبقوة قدراته المالية حيث لم يتوقف عن دفع رواتب مقاتليه ومحازبيه ، واستمر في توفير التقديمات الاجتماعية لهم من مواد تموينية واقساط مدرسية وجامعية وخدمات صحية ولو بحدها الادنى . في الوقت التي بدأت تفتقدها عائلات الموظفين العاملين في القطاعين العام والخاص نتيجة تدهور سعر صرف الليرة واقفال معظم المؤسسات ابوابها ومن بقي يعمل منها اخذ يدفع رواتب موظفيه على السعر الرسمي للدولار البالغ ١٥٠٠ ليرة مما افقد رواتبهم معظم قيمتها نتيجة الارتفاع الجنوني للدولار في السوق السوداء.

ثانيا : هذا التناقص للقيمة الشرائية لليرة اللبنانية امام الدولار ادى الى اضعاف رواتب القوى الامنية والعسكرية اللبنانية التي تعتمد عليها الجهات الغربية في لبنان وتدعمها بشكل اساسي. وكان الخوف انه في حال استمر نزف تراجع الليرة امام الدولار ليس تآكل رواتب ضباط وعناصر هذه القوى والعسكريين المتعاقدين فحسب بل اضعاف مؤسساتها العسكرية والامنية مما سيؤدي الى تقاعسها في اداء دورها على مستوى الامن الوطني في الداخل وعلى الحدود. وهذا الامر قد يسمح ليس باعادة تنشيط عمل الميليشيات بل ذهاب البلد الى فوضى شعبية واجتماعية عارمة لن تسمح ببقاء لا سفارة غربية ولا شرقية او عربية ولا مؤسسات دولية عاملة في لبنان مما سيسمح باسقاط كل المصالح الدولية فيه وينهي دورها على ساحته الى امد طويل. وهذه كانت خلفيات زيارة مسؤول عسكري غربي كبير للبنان الاسبوع الماضي حيث لمس من القيادات العسكرية اللبنانية المعنية القلق الذي يساورها على مستقبل عمل مؤسساتها العسكرية والامنية في ضوء الاوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها البلد نتيجة تعب الجنود وعناصر الشرطة في انتشارهم الكثيف على مدار الساعة في كل المدن والمناطق اللبنانية منذ عشرة اشهر الى اليوم في الوقت الذي يشعرون فيه ان رواتبهم تتآكل نتيجة تراجع قيمتها امام الدولار مع نقص في التقديمات الغذائية والصحية والمدرسية التي توفرها لهم مؤسساتهم بسبب العجز الكبير التي تمر به الخزينة العامة.

ثالثا : الخوف من انهيار القطاع المصرفي اللبناني الذي هو الركيزة الاساسية لاعادة استنهاض البلد من ازمته. وهذا القطاع بكل مؤسساته متماه مع السياسات النقدية الغربية وتابع لها ومنفّذ لاجراءاتها . وانهياره ستكون بمثابة خسارة موجعة وكبيرة لها في لبنان والمنطقة لا يمكن تعويضها . لان المؤسسات النقدية والمالية الغربية خاصة والدولية عامة تنظر الى القطاع المصرفي اللبناني على اعتباره القطاع المصرفي الوحيد الخاص في المنطقة غير الخاضع لسلطة الدولة وغير مرتهن لارادة المسؤولين فيها كما هو الحال في معظم القطاعات المصرفية العربية الخاضع لارادات مسوءول هذه الدول وخاضع لاراداتهم .
رابعا : ان القطاعات السياحية والتجارية والصناعية اللبنانية بمعظمها لا يملكها مستثمرون لبنانيون شيعة وانهيارها لن يؤثر لا على حزب الله ولا على بيئته الشيعية . وانهيار هذه القطاعات سينحصر في العاصمة بيروت التي تجمع تجاريا كبرى الوكالات العالمية ومناطق جبل لبنان الجنوبي والشمالي وطرابلس وزحلة وجميعها مناطق خارج سيطرة حزب الله وبيئته ومن سيتضرر فيها هم مستثمرون ومواطنون لبنانيون مسيحيين ودروز وسنة. ومعظمهم متماهون مع السياسات الاميركية والفرنسية والغربية ولا يوالون لا حزب الله ولا حليفتيه سوريا وايران.

اخيرا علمتنا تجارب التاريخ ان انتصار الشعوب على ظالمها يكون نتيجة غباء الظالم . ان ما تعرض له لبنان منذ السابع عشر من تشرين الاول الى اليوم يمكننا وصفه ب "حرب تموز مالية نقدية اقتصادية" شارفت برأينا على وضع اوزارها بعد فشلها في تحقيق اهدافها . ونتوقع ان يشهد لبنان خلال الاسابيع القليلة المقبلة انفراجات ستبدأ باعادة وضعه تدريجيا على السكة الصحيحة اقتصاديا وماليا ونقديا. كما ستشهد المنطقة انفراجات مع مطلع الخريف المقبل من المتوقع ان يكون لها انعكاسات ايجابية على لبنان .

ان عدوان تموز العسكري على لبنان عام ٢٠٠٦ الذي استمر شهر وسقطت مع انتصاره اسطورة اسرائيل كدولة لا تهزم في المنطقة وخرج منها لبنان بقيادة السيد حسن نصرالله اقوى مما كان . ها هو التاريخ يعيد نفسه على لبنان اليوم في حرب يمكن تسميتها "حرب تموز الاقتصادية والمالية والنقدية" التي بدأت في ١٧ تشرين الاول العام الماضي واستمرت عشرة اشهر ونعتقد انها شارفت على نهاياتها والفضل في اسقاطها يعود لقائد المقاومتين العسكرية والمدنية السيد حسن نصرالله ومعه اربعة هم : صبر اللبنانيين مسلمين ومسيحيين على تحمل الام الحاجة والعوذ واحترام النفس ولو بكلفة عالية ، وصمود مصرف لبنان رغم محاولات شيطنة حاكمه وتحميله لوحده عن غير وجه حق مسؤولية الازمة علما كما قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة ان المسؤولية تتوزع بين الحكومات المتعاقبة ومصرف لبنان والمصارف ، والقوى العسكرية والامنية قيادة وضباطا وعناصر ونجاحها مع المقاومة في اسقاط مؤامرة الفوضى الاجتماعية التي كانت تهدد لو حصلت بتدمير البلد.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟