يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

فخامة الرئيس: قد سبق السيف العزل

Friday, July 10, 2020 6:23:06 PM

بقلم المحامي لوسيان عون

أمس تقدم رئيس الجمهورية ميشال عون مراجعة طعن إلى المجلس الدستوري يطلب فيها إبطال القانون المتعلق بتحديد “آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامة وفي المراكز العليا في المؤسسات العامة” بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية دون أن يحمل توقيعه،

لكن ، في قراءة هادئة لما مارسه فخامته لما بقي له من صلاحيات دستورية بموجب دستور الطائف

يقف الرئيس وحيداً يصارع رياحا عاتية ، تعصف بمقامه من كل حدب وصوب ،

وهو المدرك أن ما وراء وراء مواقفه أبعد من طعن بقانون من هنا وبمرسوم من هناك :

انه صراع كرسي الرئاسة بعدما جرده الاقربون قبل الابعدين ما كانت تتمتع به الرئاسة أيام ما أسموها ” المارونية السياسية ” حيث كان نظامنا ديمقراطياً برلمانيا في الظاهر ورئاسيا في المضمون حيث كانت الرئاسة بسلطاتها وصلاحياتها في كفة بالميزان من ميل وصلاحيات المؤسسات الاخرى مجتمعة تكاد لا تتساوى واياها من ميل آخر .

لقد جاهر العماد عون كثيرا قبل وصوله الى بعبدا برفضه تداعيات دستور الطائف وما أنتجه من تجريد لرئيس الجمهورية من معظم صلاحياته لحساب رئاسة مجلس الوزراء والمجلس مجتمعاً ، بعد شنه أشرس الحروب ضد ما عرف بوثيقة الوفاق الوطني ، حتى عندما اشتد الحصار عليه أسقط بعضا من مطالبه وتنازل عنها الى حدد عرفت ب ” الفاصلة ” التي حاول المساومة عليها ، لمن سبق السيف العزل آنذاك وعلى ما قال أمام أعوانه بعدها : ” عندما سمعت صوت السوخوي تحلق فوق قصر بعبدا وتقصفه الى جانب وزارة الدفاع أدركت أن الضوء الاخضر أعطي للتحالف الثلاثي يومها أميركا – اسرائيل وسوريا ” ل ” ازاحة العماد عون والقضاء على ظاهرته ” وحسم معركة المنطقة الشرقية على ما عرفت آنذاك .

نفي في حينه ليعود بعد ” تسوية ” وبقيت تدغدغه رغبة باستعادة القرار : صلاحيات رئاسية أقصاها الطائف من رئيس الجمهورية ، فكانت تحالفات تحت الطاولة وفوقها بداية لبلوغ سدة الرئاسة ، وما ان ولج قصر بعبدا حتى باشر بالتملص من التحالفات مع ” حلفاء ” فرضتها تسويات عليه للوصول الى كرسي بعبدا ، وهذا ما ولد صدامات متقطعة بينه وبين كل من الرئيس الحريري والقوات والاشتراكي مع استبقائه على أحلافه مع حزب الله وحركة أمل طالما أن المعارضة المسيحية والمستقلين كانت القوانين الانتخابية تتكفل باقصائهم عن دخول حلبة الصراع السياسي وحصر قوتهم ببضعة مقاعد نيابية لا تقدم ولا تؤثر على اللعبة السياسية .

محاولات عون قلب الطاولة اصطدمت بسلسة عقبات وعثرات لم يكن ينتظرها فتداخلت الاعتبارات والاسباب التي واجهته بدءا من الصلاحيات القليلة التي لم يكن استخدامها مؤثرا للضغط على الحلفاء فضلاً عن تحالفه مع بعض الفاسدين ممن امتلكوا كتلا متراصة وفاعلة صعب ازاحتها وقد ابتلى بها ضمن حكومات متتالية ما مكنها من المحافظة على مصالحها ونفوذها ضمن الوزارات والمؤسسات والادارات فضلاً عن حسابات خاطئة ومسارات وخيارات أملاها مستشاروه ومعاونوه أرهقت الخزينة بصفقاتها ومشاريعها الفاشلة أبرزها سلسلة الرتب والرواتب اضافة الى طمأنته عن متانة الليرة والاقتصاد من مسؤولين في الدولة كوزير المال وحاكم مصرف لبنان بينما كانت الهندسات المالية تنخر وتجوف الاقتصاد وتبخر الاحتياطي وتحرقه في سبيل المحافظة على سعر مصطنع للدولار الاميركي وهو لم يكن السعر الحقيقي الفعلي الذي كان يوازي حركة العرض والطلب فضلأً عن عدم مسارعة أنصاره السياسيين للضغط للسير بمحاكمة الفاسدين وتنقية الادارة وحصر النفقات ووقف الهدر واستعادة الاموال المنهوبة حيث استبدل شعار الابراء المستحيل بشعار الابراء الممكن كرمى عيون القوى السياسية التي تملكت بالسياسة والاقتصاد والقرار الرسمي فكانت لها الايدي كالاخطبوط في التعهدات والادارات والمصالح .

لقد راهن فخامته على النفط فكانت له خيبة أمل كبرى

كما راهن على توسيع مروحة كتلته السياسية فكان أن فقدت العديد من عناصرها حتى بلغ الترك صهره العميد روكز وسواه

راهن على أحلافه من معراب الى مار مخايل الى عين التينة الى المختارة الى بيت الوسط فتفككت التركيبة الهجينة الفاشلة الى أن بقي وحيداً يصارع البقاء في وجه كتل كبرى من المعارضين من الداخل  والمعارضين من الخارج .

الى أن جاءت ثورة الجياع في 17 تشرين فكانت سهامها تصيب ما عرفه لبنان بالعهد أولا :

انها تركيبة النظام مهما تقلصت صلاحيات الرئاسة الاولى

من الرئيس بشارة الخوري حتى عون الثالث عشر :

كانت الحكومات تتخبط بالموبقات الدولية وشرورها وتداعياتها بينما كان الصيط لرئيس الجمهورية والعهد :

عهد تألق وعهد فشل ، مع الصاق الفشل بالعهود التي فشلت في ارساء الامن والاستقرار ، حيث كان عهد بعض الرؤساء ياتي على وقع الزفة والرقص واطلاق النار ابتهاجا لكنه ينتهي بالثورات والازمات ، وكم من رئيس خرج بثورة أم من الباب الخلفي أم يتيما لحقته اللعنات والاتهامات والفضائح …….

اليوم وعلى باب قوسين من نهاية عهد التحضير للعهد المقبل ثمة ثوابت وحقائق وجب التوقف عندها ولا ريب في صحتها وصدقيتها :

العهد الحالي حمل آمالاً كثيرة في بدايته وراهن الكثيرون على نجاحه بأن يستل الرئيس عون سيف الحزم ومكافحة الفساد والضرب بيد من حديد حتى عرف بال  ” عهد القوي “

لكن الامال سرعان ما  اضمحلت بعد انحدار دراماتيكي وانهيار لكل مقومات الدولة :

شعب يائس بلا كهرباء وماء وبنى تحتية ، تضخم مريب وفلتان في اسعار السلع والمواد الاستهلاكية والزراعية ، انهيار في قيمة العملة الوطنية ، مصادرة لمليونين وسبعمائة حساب مصرفي في المصارف ، ارتفاع لاربعة اضعاف لسعر الدولار الاميركي بظرف أربعة أشهر ، فلتان أمني غير مسبوق ، وشلل اقتصادي مطق مع اقفال آلاف الشركات والمصانع والمؤسسات التجارية وتخطي نسبة البطالة 50 في المئة مع بلوغ مليون مواطن لبناني خط الفقر .

اليوم وقد بلغ لبنان قعر الازمات ، لم يعد يجد رد قانون هنا والامتناع عن توقيع مرسوم هناك ، أو تعطيل تدبير هنالك أو وقف مشروع مستخدما صلاحية دستورية لن تعيد الحياة لاي قطاع أم معمل أم شركة أم مرفق .

وحدها يا فخامة الرئيس صدمة كهربائية تنعش قلب لبنان الذي شارف على التوقف وضخ الدم في عروق الوطن : اعلان مهلة قصيرة للبت القضائي بملفات الفساد المعروفة من الجميع مع اصدار قانون معجل يمنح مهلة شهر واحد فقط للعفو عمن يعيد الاموال المنهوبة تحت طائلة الفصل بها وتوقيف فاعليها مع رفع الحصانة عن هؤلاء مهما علت مراكزهم والا فالاستقالة لتشكل خطوة انقاذية وصدمة تاريخية ،فالتاريخ لن يرحم يا فخامة الرئيس …..

ولن يذكر يوماً أن الوزير الفلاني هو من تسبب بسرقة مئات المليارات ومصادرة واختلاس ودائع الناس وتهريب الاموال الى الخارج …

بل سوف يذكر أن كل هذه الجرائم حصلت في عهدكم وستلصق به لانكم أنتم اخترتم أن تكونوا بي الكل ، وتعهدتم أمام الملايين بأن تشكلوا عهداً قوياً ، لكن ها هو أعطى فعلا عكسياً ،

لقد خرج الجميع كالشعرة من العجينة بدءا من الرؤساء والوزراء والنواب والمدراء وحاكم مصرف لبنان ، والجميع قذف كرة النار بين ايديكم ،

فلم يبق الا بق البحصة وتسمية الاشياء بأسمائها

لان الكتمان عن الجرائم في موقع المسؤولية في أرفع مواقع المسؤولية تتحول الى جريمة .

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

200 يوم من على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟

الرئيس الإيراني يهدد اسرائيل!

إليكم جدول مباريات نصف نهائي بطولة لبنان لكرة السلة

"رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين!

غارة اسرائيلية على منزل في الجنوب... وسقوط اصابات!

مخزومي يلتقي نائبة الاغتراب الفرنسي عن منطقة الشرق الأوسط إميليا لاكرافي

مخزومي يهنئ المفتي دريان على اختياره عضوًا في المجمع الفقهي الإسلامي

كارول غادرت منزل ذويها ولم تَعُد.. هل من يعرف عنها شيئًا؟