يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

يوميّات اللبنانيّين البائسة

Thursday, July 2, 2020 9:53:07 PM

من عاش الحرب الأهلية في كل مناطقها، واكب حركة "ريّس" الأحياء وزعمائها المحليين الذين كانوا يديرون يومياتها ويؤمّنون احتياجاتها وفق لائحة خدمات ومحسوبيات. يخزّنون البنزين والمازوت والطحين والمساعدات الغذائية، التي غالباً ما كانت تنتهي صلاحياتها ويأكلها العفن والسوس قبل أن توزّع. كل "ريّس" كان يعرف مخبأ للمحروقات، وكل حزب يملك خزاناته الخاصة لتلبية احتياجاته العسكرية والمدنية. هذا في زمن الميليشيات، بغياب الدولة والفلتان الأمني.
في زمن "العهد القوي"، كُتب لآلاف اللبنانيين أن يعايشوا، مرة جديدة، هذا المشهد الذي سيتعرّف إليه جيل جديد كان يقرأ ويسمع عما جرى في تلك الأيام الميليشيوية. يقول أحد العونيين البارزين إن مشكلة العهد والتيار، على السواء، أنهما يسيران بسرعة قياسية كما في سباق السيارات، لكن "الى الوراء وليس الى الأمام". والمشكلة ليست في غياب خطة العهد وحكومته التي يحكمها الخواء، بل أيضاً في الاستعلاء على الناس، وفي غياب الخفر لدى سياسيين وغير سياسيين، في إظهار بذخهم واحتفالاتهم وتبضّعهم ومسابحهم في زمن الفقر والجوع، وبعض من هؤلاء ينادي منذ أشهر بضرورة الاكتفاء الذاتي والتضحية. وغياب الحياء صار معمّماً.
 
وتابعت: حين يغضّ التيار الوطني الحر النظر عن الحملة على مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني، رغم اتهام خصومه له بأنه مقرب من العهد، فهذا يعني أن كل أدبيات اختيار الموظفين الشرفاء إنما تقف عند حدود المصالح السياسية. ويطقّ «شلش الحياء» أيضاً عند أساقفة ينظّرون بالعفّة والفقر وخدمة الآخرين، فيما يعملون على طرد موظفين ومعلمين ويقفلون مؤسسات، ويطالبون المتبرعين بأموال نقدية مباشرة بدل القيام بمشاريع إنتاجية.
يعيش أمراء الحرب في عالمهم، فيما "رعاياهم" يعيشون يوميات الحرب بعد سكوت المدافع قبل ثلاثين عاماً. إذ يدخل لبنان العتمة التدريجية، لا كهرباء ولا مازوت للموتورات التي شن وزراء العهد حملة عليها قبل أشهر، فيما يخزن «رياس» الصف الأول، وزعماء الحرب والسلم، محروقاتهم في خزانات خاصة. فيرخي قصر وادي أبو جميل أضواءه الليلية على بيروت، وتشعشع أضواء منتجع التيار الوطني الحر في اللقلوق وإمارات المختارة والمصيلح ومعراب وبنشعي وبكفيا وبكركي والقصر الملحق بها، وغيرها من بيوت سياسيين ومصرفيين لم تسمع بأزمة المحروقات، ما دام هناك من خزّنها لها، ولم تسمع أن اللبنانيين يعيشون تحت وطأة العتمة بكل ما يترتب عليها، فتضاف الى مصائب حياتهم اليومية أنه حتى الشموع التي يضيئونها لصلواتهم وقديسيهم أصبحت مفقودة.

الاخبار

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

"وزارة الشؤون" تطلق المعايير الوطنية لدور الحضانة

ندوة حول "الذكاء الإصطناعي يعيد تشكيل المشهد الإعلامي" في نقابة المحررين

تدابير سير يوم الأحد لِمواكبة سباق ماراثون بيروت

جعجع: إذا لم ننتبه لوطننا قد يصبح اللبناني لاجئاً في بلده

قبلان: الحل السيادي يكمن بتسوية رئاسية لا انتخابية نيابية مبكرة

الجلسات في المحاكم لا في المحكمة داخل سجن روميه

سليمان: مبادرة الاعتدال جاءت نتيجة تلمّس الكتلة للمصلحة الوطنية

بعد ختم التحقيق الأولي.. الحجار يتسلّم ملفّ باسكال سليمان ويحيله على النيابة العامة في جبل لبنان