يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

من رفض نواف سلام لن يقبل ببعاصيري.. وهذا هو الحل الحكومي!

Saturday, June 27, 2020 8:13:27 AM

خاص "اللبنانية"
المحرر السياسي

استوقف الاوساط السياسية اللبنانية قبل ايام استقبال السفير السعودي وليد البخاري حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونائبه السابق محمد البعاصيري، في لقاء طرح مجموعة من علامات الاستفهام حول ابعاده والخلفيات، وجاء في ضوء تعرض سلامة لاتهامات حكومية وسياسية تحمله مسؤولية الازمة المالية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، وفي ضوء استبعاد الحكومة بعاصيري من التعيينات المالية الاخيرة حيث انها لم تبقه في منصبه كنائب ثان لحاكم مصرف لبنان ومنسق للعلاقة بين المصرف ووزارة الخزانة الاميركية، ولم تعينه رئيسا للجنة الرقابة على المصارف وهو منصب كان شغله ايام حكومات الرئيس الراحل رفيق الحريري، الامر الذي اغضب الاميركيين كغضبهم على المحاولات الجارية لإقالة سلامة منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون الى حكومة الرئيس حسان دياب الآن.
وقد اعطى البعض هذا اللقاء تفسيرات عدة، خصوصا أنه إنعقد غداة لقاء بين البخاري وبعاصيري الذي زاره في مقر سكنه في اليرزة ما دلّ على ان الاخير هو من هندسه لغايات بدأت تنكشف تباعاً، وهو في الحقيقة لم يأت من هوىً انما جاء بناء على "وحي يوحى" ويتصل بما يُحضّر للبنان في المدى المنظور وللمستقبل في بعض الدوائر المحلية والاقليمية والدولية.

احد السيناريوهات يتحدث عن ان الاميركيين وحلفائهم من القوى السياسية اللبنانية بدأوا يُحضّرون "هجوما مضادا" بعد التعيينات المالية التي اجرتها الحكومة أخيرا وتقيد بها حركة سلامة بنوابه اربعة جُدداً لا يوالونه، وبلجنة رقابة على المصارف غير قادرة على ضبط اعضائها وتطويعهم، وكذلك بهيئة اسواق المالية لا يمون عليها، ويُقال في هذا المجال ان الاميركيين امتعضوا بشدة من هذا التعيينات وان السفيرة الاميركية دوروثي شيا ابلغت هذا الامتعاض الى رئيس الجمهورية ميشال عون عندما التقته في اليوم التالي لإقرار هذه التعيينات، مؤكدة له ان الحكومة اخلت بوعد قطعته للاميركيين ويقضي بالابقاء على بعاصيري نائبا ثانيا للحاكم او تعيينه رئيسا للجنة الرقابة على المصارف لأنه مرتاحون الى العلاقة معه كونه المنسق بينهم وبين مصرف لبنان في موضوع تطبيق الاجراءات والعقوبات الاميركية المتعلقة بتجفيف مصادر تمويل الارهاب ومكافحة تبييض الاموال، وذلك منذ تعيينه رئيسا للجنة الرقابة على المصارف ومن ثم بعد تعيينه نائبا ثانيا لحاكم مصرف لبنان، علما انه يتقن اللغة الانكليزية بشدة ويتكلمها بفصاحة كبرى وباللكنتين البريطانية والاميركية بما يجعل محدثه يشعر انه امام رجل اميركي "أبا عن جد"...
وهذا السيناريو يقضي بالاتيان بسلامة رئيسا للجمهورية خريف العام 2022 او في حال خلو سدة رئاسة الجمهورية قبل ذلك التاريخ لعلة ما، وذلك في ظل حكومة يترأسها بعاصيري ويتم تأليفها تحت وطأة ظروف قاهرة يدفع البعض الآن الى إستيلادها تحت وطأة تفاقم الانهيار المالي والاقتصادي وارتفاع الأسعار جنونيا بفعل الارتفاع الجنوني لسعر الدولار الذي يكاد ان يلامس العشرة آلاف ليرة.

والعاملون على تسويق هذا السيناريو يبررونه في ان لا امكانية لعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة على رأس حكومة وحدة وطنية او حتى حكومة تكنوقراط، وكذلك لا عودة لأي من اعضاء نادي رؤساء الحكومة السابقين، ولا لحسان دياب الذي جاء "بالمصادفة" من خارج هذا النادي الى رئاسة الحكومة ولم يثبت جدارة في تحمل المسؤولية وتحقيق الاصلاحات المطلوبة دوليا كشرط لمساعدة لبنان، وفضلا عن انه لم يحظ بإحتضان البيئة التي ينتمي اليها.
ربما يكون سلامة وبعاصيري قد فاتحا السفير السعودي بهذا السيناريو طالبين دعم المملكة العربية السعودية موحيين له بأنه يحظى بتأييد اميركي، بحيث تكون المملكة ونظيراتها الخليجيات رافعة له عبر تمكين سلامة من تحقيق انجاز على مستوى معالجة الازمة المالية يعزز ترشيحه الرئاسي لاحقاً، ويمهد للإتيان ببعاصيري الى رئاسة الحكومة التي يكون في رأس مهماتها التمهيد لوصول سلامة الى رئاسة الجمهورية.

لكن دون تحقيق هذا السيناريو صعوبات كثيرة، حيث لا يمكن الحراك الشعبي ولا القوى السياسية القبول يثنائي سلامة ـ بعاصيري. أولاً، لأن الحراك يطالب برحيل سلامة ويتهمه بالتسبب بالازمة الاقتصادية والمالية وازمة السيولة الدولارية والتواطؤ او التستر على كل الذين هربوا عشرات المليارات من الدولارات الى الخارج قبل ثورة 17 تشرين الاول الماضي وبعدها والى الآن حيث يقال ان تحويل هذه الاموال مستمر بعلم سلامة الذي ينفي ولكن الحكومة لا تصدقه وتتهمه في الوقت نفسه بالتلاعب بسعر الدولار بالتعاون مع جمعية المصارف ونقابة الصرافين.
واكثر من ذلك فإن البعض يؤكد ان سلامة ليس مسؤولا وحده عن الازمة وانما يتحمل المسؤولية معه قوى سياسية نافذة وبعضها يتبوأ مواقع كبيرة في الدولة لا تخفي تأييدها له والدفاع عنه عبر التحذير من مخاطر اقالته على سعر الجولار وعلى مصير اموال المودعين في مصرف لبنان والمصارف.
على ان الحراك الشعبي والقوى السياسية العاملة على اقالة سلامة يلتقيان على أن نائبه السابق بعاصيري هو شريك معه في المسؤولية عن الازمة في القطاعين المالي والمصرفي لأنه كان يشكل ساعده الايمن من بين نوابه الاربعة السابقين الذين ابعدهم عن القيام بأي دور من شأنه ان يشاغب على عمله، حيث انه قدم لهم عند تعيينهم امتيازات وعطاءات كبيرة ومغرية جعلتهم "يبصمون له على بياض" في كل خطوة او تدبير اتخذه في اطار الهندسات المالية وغيرها. وربما سيعاود سلامة الكرة الآن مع نوابه الجدد ولكن ليس مضمونا انه سينجح لأن هؤلاء تم انتقاؤهم بعناية "على الطَبَلية" فكل منهم ستديره الجهة السياسية التي جاءت به الى هذا الموقع، وابرز مهماتهم ستكون تقييد حركة سلامة في اطار المجلس المركزي لمصرف لبنان وخارجه. فضلا ًعن نبش مخالفات ربما يكون سلامة ارتكبها بالتعاون مع آخرين، اذا استطاعوا الى ذلك سبيلا.
ربما يكون الاميركيون وحلفاؤهم من السياسيين اللبنانيين قرروا استبدال نواف سلام ببعاصيري خياراً لرئاسة الحكومة، ولكن الاخير لن يكون مقبولا رئيسا للحكومة لدى الآخرين الذين فهم ما قبلوا اصلاً ببقائه نائبا للحاكم ولا لرئاسة لجنة الرقابة على المصارف، لأنه شريك في المسؤولية عن الازمة المالية والنقدية، فكيف لهم ان يقبلوه رئيسا للحكومة، فيما المطلوب لرئاسة الحكومة شخصية إسلامية سنية تكنوسياسية تتمتع بعلاقات عربية ودولية واسعة وغير مستفزة لأحد في الداخل ما خلا اولئك الطامحين الى موقع الرئاسة الثالثة الذين ينظرون الى كل من ينافسهم على هذا الموقع على انه "عدو لهم" او لا يحق له به، فكأن لديهم "وكالة حصرية" برئاسة الحكومة يتصرفون بها كما يشاؤون، ولم يدركوا بعد ان زمن الوكالات الحصرية قد ولى الى غير رجعة وان الطبقة السياسية التي ينتمون اليها هي في طريقها الى مزبلة التاريخ.

في المحصلة، هناك من يقول ان الفريق، بل الافرقاء السياسيين الذين لم يقبلوا بنواف سلام رئيسا للحكومة بحجة علاقته المتينة مع الغرب عموما، ومع الاميركيين تحديدا اُوليس له يد في ما اصابهم من عقوبات وغير عقوبات، لا يمكن ان يقبلوا ببعاصيري لتولي هذا الموقع الحكومي حيث ان الثابت لديهم انه هو المتورط في فرض هذه العقوبات التي بينت على التقارير التي قدمها من موقعه الى الادارة الاميركية، فضلاً عن تورطه في التسبب بالازمة المالية والنقدية الى جانب سلامة وشركائه من قوى سياسية ومالية...





يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - مجزرة في تاشع العكاريّة.. والوزير ياسين لموقعنا: سيتم تحويل الملف إلى القضاء

خاص- زيارة جزينية ممهورة بختم الثنائي

خاص- الضربة الإسرائيلية أربكت إيران

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!