يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

بعد تعميم "المركزي".. أسعار السلع الغذائية ستزيد 110%

Thursday, May 28, 2020 8:33:21 AM


"منذ أيام يُروَّج لصدور قرار سيؤدي إلى تخفيف الطلب على الدولار، وإلى تأمين السلع الأساسية في السوق. كذب المروّجون ولو صدقوا. فالقرار صدر، إلا أن صيغته تكرّس ارتفاع أسعار السلع الغذائية الاساسية والمواد الأولية للصناعة الغذائية على سعر 3200 ليرة بدلاً من تأمين تمويل مماثل للمشتقات النفطية والدواء والقمح والمستلزمات الطبية (85 في المئة من دولارات هذه السلع يؤمنها مصرف لبنان بالسعر الرسمي)، وليس هناك أي ضمانة بأن الطلب على الدولار سيتراجع، ناهيك عن أنّ الحدّ الأدنى لزيادة أسعار هذه السلع سيكون 110%. 


قد يكون هذا القرار أول وثيقة رسمية تكرّس ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية وتضرب ما تبقى من قدرة شرائية لدى المستهلكين، وفي المقابل يساعد التجّار على إعادة تكوين رؤوس أموالهم من جيوب الناس مرتين؛ مرّة من أموال المودعين المحجوزة في مصرف لبنان والمصارف، ومرّة من مداخيل العاملين بأجر، والتي تآكلت بفعل فلتان سعر الصرف. من الآن فصاعداً ستكون هناك تعاميم وقرارات مماثلة تحرّر سعر الليرة.


تعميم ضبابي؟

أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً رقمه 557 ينصّ على الآتي:
- يمكن للمصارف العاملة في لبنان الطلب من مصرف لبنان تأمين العملات الأجنبية تلبية لحاجات مستوردي ومصنعي المواد الغذائية الأساسية والمواد الأولية التي تدخل في الصناعات الغذائية المحدّدة في لائحة تصدرها وزارة الاقتصاد.


- تحدّد الآلية والشروط المفروضة للاستفادة من هذه المادة بقرار يصدر عن وزير الاقتصاد والتجارة لهذه الغاية.
- تقدم المصارف المعنية الطلبات موضوع هذه المواد إلى وحدة التمويل لدى مصرف لبنان بعد الموافقة عليها من وزارة الاقتصاد والتجارة.
- يتم تحديد سعر صرف العملات الأجنبية وفقاً للآلية المتبعة لتطبيق أحكام المادة 7 مكرر من القرار الاساسي الرقم 7548 تاريخ 30/3/2000.
وقد جاء هذا القرار بعد اجتماعات كان أبرزها اجتماع بين رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وحصلت اجتماعات أخرى شارك فيها عدد من الوزراء وتجار المواد الغذائية. بعض التجّار الذين اتصلت بهم "الأخبار" أنكروا فهمهم لهذا التعميم، بل اعتبروه ضبابياً كثيراً في انتظار تلك اللائحة التي ستصدر عن وزير الاقتصاد اليوم.

رساميل التجار من جيوب الناس
في الواقع، ليس الأمر متصلاً بفهم التجّار، بل بمدى انسجام التعميم مع مصالحهم، وهو أمر لا يمكن أن يتحدّد من دون لوائح وزارة الاقتصاد التي يفترض أن تجيب عن الآتي: ما هي السلع المشمولة بالتعميم؟ ما هي آليات الاستفادة؟ فهذه الأسئلة تحدّد أي التجّار سيتاح لهم الحصول على هذا التمويل، وستفسح المجال لإعادة تشكيل حلقات الاحتكار التجاري في سوق ضيّقة تتّسم بتركّز مرتفع، وستحدّد الحصص السوقية لكل لاعب ومن يمكنه الاستمرار ومن سيحاول ومن سيسقط.
ثمة الكثير من الأسئلة التي جاءت ضبابية في التعميم. ربما سلامة تجنّب تحديدها قصداً، تاركاً إياها على عاتق وزير الاقتصاد. وربما اتفق على توزيع أدوار بعد كل الاجتماعات التي أدّت إلى صدور هذا التعميم وما سبقه من توتّر بين دياب وسلامة.
ما يروّج له التجّار عن عدم معرفتهم بالسلع المدعومة بهذا التمويل، أو بسعر دولارها، هو تعامٍ مقصود. فالتجّار كانوا موجودين أثناء النقاشات التي تطرّقت إلى السلع المشمولة بالتمويل. كان النقاش يشير إلى أن بعض أنواع الأرز سيكون مشمولاً فقط إلى جانب استيراد السكر والحبوب وحليب الأطفال والسمسم وبعض المنتجات الزراعية ومواد الأعلاف. بعض التجّار طالب بأن تكون الزيوت مشمولة، والمعلبات على أنواعها من فول وحمص وتونة وسردين، والمعكرونة أيضاً. هنا اندلع صراع "تحت الطاولة" بين قلّة من التجّار التي تحتكر بعض السلع وعدد كبير من التجّار يستورد سلعاً مماثلة. الكل يريد حصّة من هذه الكعكة. إنه تمويل مجاني لرأس المال. قبل هذا التعميم عمد التجّار إلى رفع أسعارهم لتعويض قيمة رأس المال من جيوب الناس. إنها سرقة مباشرة لجيوب الناس وقفت الحكومة ووزارة الاقتصاد تتفرّج عليها. عمد بعض التجّار إلى بيع مخزوناتهم من السلع المستوردة بدولار يساوي 1507٫5 ليرات، بأسعار مضاعفة. الحجّة كانت أنهم يحافظون على قيمة رأس مالهم. لا أحد راقب بياناتهم الجمركية وأسعار الاستيراد ولا حتى أسعار الدولار. لعلهم استوردوا كميات كبيرة عندما كان الدولار لا يزال أدنى من 3000 ليرة".

كتبت مريم مجدولين لحام في "نداء الوطن" وضعت وزارة الاقتصاد والتجارة لمساتها الأخيرة على "السلة الغذائية" أو اللائحة بالمنتجات الغذائية الأساسية، التي ستوعز إلى "البنك المركزي" بدعمها عملاً بالتعميم الصادر عنه يوم الجمعة الماضي، والقاضي بتأمين العملات الأجنبية النقدية، في استجابةٍ لحاجات مستوردي ومصنّعي المواد الغذائية الأساسية والمواد الأولية التي تدخل في الصناعات الغذائية، بهدف رفع مستويات مخزونهم من السلع المهمّة ودرءاً لانقطاعها من الأسواق، بخاصة بعد القيود المصرفية التي طبقت على عمليات السحب والتحويلات منذ اندلاع ثورة تشرين وأزمة كورونا.


وكشفت مدير عام وزارة الإقتصاد السابقة عليا عباس لـ"نداء الوطن"، أنّ "حزمة المواد الغذائية التي سيعلن عنها في القريب العاجل قد وضعت اعتماداً على ما تستهلكه الأسر اللبنانية بشكل خاص، إضافةً إلى توصيات خاصة من برنامج الغذاء العالمي (WFP)، التي عملوا عليها بدورهم بالتعاون مع كلية الصحة ومركز العلوم والبحوث حول السكان والصحة في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، وقطاع الأمن الغذائي والزراعة التابع لخطة الاستجابة للأزمة اللبنانية (LCRP)". وأضافت: "وضعوا بين أيدي الوزارة توجيهاً موجزاً حول تكوين الطرود الغذائية في حالات الطوارئ للأسر الضعيفة والتي تم تصميمها خصيصاً لتناسب الاحتياجات التغذوية الموصى بها عالمياً، مما يضمن وصول اعضاء الأسرة اللبنانية إلى الحد الأدنى والمتوازن من المحتوى الغذائي، بما في ذلك الأطعمة المقبولة ثقافياً وعليه تمّ تحديد اللائحة".

ولفتت عباس الى أن "التوصيات غطّت التكوين الموصى به للمواد الغذائية التي تتحمل ظروف التخزين الصعبة، والتي تحتاجها أسرة مكونة من خمسة أفراد لمدة شهر واحد وهو ما يقارب نسبة 73% من المتطلبات اليومية الكاملة، البالغة 2100 سعرة حرارية للشخص الواحد مع الحد الأدنى من المغذيات الكبيرة ومتطلبات المغذيات الدقيقة. إذ توفر المواد الأساسية التي سيتم دعمها من مصرف لبنان نسبة 14% من إجمالي الطاقة من البروتينات ونسبة 23% من الدهون. إضافة الى سلع أخرى تحتاج الدعم كالعلف والأسمدة وزيت الخام". موضحة أنه بدل دعم اللحوم سيتمّ دعم الإعلاف التي ستساعد مزارع الدواجن والأبقار اللبنانية".

المواد المشمولة

وفي التفاصيل، أشارت الى أن "اللائحة تضمنت 15 مادة كان أوّلها طعاماً أساسياً مقبولاً مثل "القمح والأرز والدقيق والسمسم بما أنه مادة أولية لصناعة الطحينة وما إلى ذلك" وثانيها بقوليات، وهو مصدر للبروتين التكميلي، مثل "العدس والفاصوليا (أي نوع) والحمص"، إضافة إلى "السكر والملح والزيت النباتي (وهو مصدر طبيعي غني بفيتامين أ)، مثل الذرة وفول الصويا وزيت عباد الشمس"، ورابعاً "العلف والأسمدة وحليب البودرة" ولن تنصح الوزارة بدعم لحم اللانشون والهوت دوغ والشوكولاتة والأجبان المصنعة، لأنها عالية المعالجة وذات قيمة غذائية منخفضة.

إلى ذلك، سيتولى مصرف لبنان تحديد الكميات المدعومة من هذه المواد الأساسية وعدد التجار الكبار الذين سيستلمون مهمة توزيع البضائع في السوق اللبنانية، كي لا يتم تهريب المواد المدعومة إلى سوريا عبر المعابر غير الشرعية، كما حصل مع المازوت والطحين.

الاخبار

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

كيف أقفل دولار السوق السوداء مساء اليوم؟

فياض: وقف العمل بآلية إعطاء تراخيص حفر هذه الآبار

سوبرة يدعو لإعتماد بيروت مركزاً للتلاقي والحوار لصياغة الإستراتيجيات الإقتصادية والإجتماعية العربية

منصوري خلال لقائه "الإعلاميين الاقتصاديين": لا يمكن النهوض بالاقتصاد من دون قطاع مصرفي سليم

أسعار جديدة للمحروقات

رفع الحد الأدنى للأجور: المرسوم وُقٍّع لكن الخلاف ما زال قائما!

عطل الانظمة الالكترونية في وزارة المال قد يؤخر صرف رواتب القطاع العام!

تعميم من الخليل إلى الوزارات