يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

نهاية زواج متعة... بين عقلين انقلابيين

Wednesday, May 27, 2020 9:57:40 PM

بقلم خيرالله خيرالله

ليس كلام المفتي الجعفري الممتاز احمد قبلان في مناسبة عبد الفطر سوى كلام طبيعي يعكس النظرة الحقيقية لـ"حزب الله" الى لبنان. نظرة بصيغة "الغالب والمغلوب". لعلّ اهمّ ما في كلمة نجل رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، الطامح الى الحلول مكان والده، انطلاقه من صيغة "الغالب والمغلوب" ليقول انّ لبنان الذي عرفناه انتهى تماما.
لم يحدّد احمد قبلان أي لبنان جديد يريده "حزب الله" في وقت يتبيّن يوميا ان لا نموذج قابلا للتصدير لدى "الجمهورية الإسلامية"، بل ليس لدى النظام في ايران ما يقدّمه للايرانيين انفسهم.
هل يمكن ان تحلّ صيغة "الغالب والمغلوب" مكان صيغة "لا غالب ولا مغلوب" التي اطلقها الرئيس الراحل صائب سلام في مرحلة معيّنة من تاريخ لبنان مؤكّدا ان البلد لا يستطيع التحليق سوى بجناحيه المسيحي والمسلم؟
سيكون ذلك صعبا... الّا اذا كان المطلوب تدمير لبنان عن بكرة ابيه، تدمير فكرة لبنان التي استفاد منها المسيحي قبل المسلم والمسلم، بما في ذلك الشيعي، قبل المسيحي.
ربط المفتي قبلان عمليا بين بقاء لبنان من جهة وسلاح "حزب الله" من جهة أخرى. صار مستقبل لبنان رهينة لوجود سلاح "حزب الله". هذا لا يعني الاستخفاف بالدور الذي لعبه "التيّار الوطني الحر" منذ العام 2006 في تغطية "حزب الله" مسيحيا وتغطية كلّ ممارساته، بما في ذلك جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والجرائم الأخرى التي سبقتها وتلتها، من محاولة اغتيال مروان حمادة الى اغتيال محمّد شطح.
من الواضح، ان تاريخ لبنان، بالنسبة الى "حزب الله"، يبدأ في السادس من شباط 2006، أي بوثيقة التفاهم التي وقّعها ميشال عون وحسن نصرالله في كنسية ما مخايل على خط التماس السابق بين الشيّاح وعين الرمّانة. كان هذا الاتفاق غير منطقي بين طرفين لا يجمع بينهما سوى رفض اتفاق الطائف والعداء لرفيق الحريري... والعقل الانقلابي. لدى "حزب الله" أهدافه غير المنفصلة عن الأهداف الإيرانية، وهي اهداف تتجاوز لبنان، فيما لدى ميشال عون هدف واحد هو الوصول الى رئاسة الجمهورية بايّ ثمن كان.
في السنة 2020، اعتقد العونيون ان لديهم هامشا للمناورة. نسوا ان جبران باسيل لم يصبح وزيرا الّا بفضل "حزب الله" وان ميشال عون لم يصبح رئيسا للجمهرية الّا بعدما صار مرشّح "حزب الله" الذي اغلق له مجلس النواب سنتين ونصف سنة، كي يقتنع كل كبار رؤساء الأحزاب والكتل السياسية بانّ عدم إيصال ميشال عون الى قصر بعبدا يعني فراغا الى يوم الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية.
انتهى الآن "زواج المتعة"، على حد تعبير الصديق روجيه ادّه، الذي كان عونيا، لكن الله شفاه باكرا من هذه "الحالة المرضية"، كما يقول الزميل نديم قطيش. هناك أسباب عدّة أدت الى نهاية الزواج الذي قام بين عقلين انقلابيين لا يعرف كلّ منهما سوى امر واحد. لا يستطيع التيّار العوني ان يكون اكثر من أداة يستخدمها الآخرون غطاء لتنفيذ سياساتهم على حساب لبنان ومسيحييه على وجه التحديد، فيما لا يستطيع "حزب الله" ان يكون شيئا آخر غير جهاز امني وميليشيا مذهبية تعمل لمصلحة ايران. لا حاجة بالطبع الى العودة الى البيان التأسيسي للحزب الذي نشرته صحيفة "السفير" في 17- 2 - 1985. يقول البيان بين ما يقوله: "نواجه النظام القائم في لبنان لكونه صنيعة الاستكبار العالمي وجزءا من الخارطة السياسية المعادية للاسلام ولكونه تركيبة ظالمة في أساسها لا ينفع معها أي اصلاح او ترقيع، بل لا بد من تغييرها من جذورها...".
لم يتغيّر شيء في يوم من الايّام. لم يتغيّر "حزب الله" ولم يتغيّر "التيار العوني". ما تغيّر هو عجز جبران باسيل في المرحلة الراهنة عن السير في سياسة ستؤدي الى عقوبات أميركية عليه وعلى غيره. ثمّة من يعتبر ان هناك أسبابا أخرى مرتبطة بمعمل سلعاتا والاستملاكات وميناء سلعاتا ورخصته... وعدم حصول جبران على وعد نهائي بانّه سيخلف والد زوجته متى تنتهي ولايته الرئاسية في آخر تشرين الاوّل 2022.
لجأ "حزب الله" الى الخطاب السياسي القاطع لتأكيد ان لا تسامح مع عودة العونيين عن التزاماتهم تجاهه سلاحه إرضاء لاميركا، في حين نفذ الحزب كلّ التزاماته، بما في ذلك تسليمهم ملفّ الكهرباء الى وزير عوني طوال ما يزيد على عشر سنوات.
في ظلّ كل هذه المعمعة اللبنانية، ليس كافيا العداء للطائف كي يكون هناك مشروع لدولة لبنانية حديثة... لا تستطيع ميليشيا مذهبية تفتخر بانهّا تابعة لإيران سوى التدمير. لا يستطيع "التيّار العوني" سوى لعب الدور المطلوب منه ان يلعبه. لا يعرف ان ليس في الإمكان استعادة حقوق المسيحيين بسلاح "حزب الله"... هذا اذا كانت هناك بالفعل حقوق خاصة بالمسيحيين ومكان لكلام فارغ عن "الفيديرالية" باي شكل من اشكالها!
ما نشهده حاليا هو نهاية زواج متعة بين عقلين انقلابيين في منطقة تبدو مقبلة على تغييرات كبيرة في العمق. ليست نهاية زواج المتعة التي يحاول كثيرون نفيها سوى بداية تحولات على الصعيد الإقليمي ليس لبنان المفلس، سوى تفصيل صغير، لكنّه تفصيل معبّر، فيها.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟