يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

مصير عقود الايجار المحررة بالعملة الاجنبية

Monday, May 11, 2020 11:04:49 AM

بقلم المحامي ناضر كسبار


على أثر الازمة الحالية المتعلقة بشبه فقدان العملة الصعبة من الاسواق وخصوصاً الدولار الاميركي، بدأت تطرح بقوة مسألة العقود، وتحديداً عقود الايجارات، المحررة بالدولار الاميركي.
وبالفعل، بدأت تردني عشرات الاتصالات يومياً لمعرفة مصير بدلات الايجار المحررة بالدولار الاميركي، وهل يمكن تسديد البدلات بالسعر الرسمي المحدد للدولار؟
في القانون رقم 160/92 الصادر بتاريخ 23 تموز 1992، نصت المادة الثالثة والثلاثون على عدم تطبيق الزيادات المنصوص عليها في المادتين السادسة (الاماكن السكنية) والثالثة عشرة (الاماكن غير السكنية) على البدلات المحددة بالعملة الاجنيبة في عقود الايجار والتي ما دامت محررة بهذه العملة.
هذه المادة لم تلق مثيلة لها في القانون الجديد الصادر في العام 2014 وفي قانون 2017. مما يعني انه يمكن تطبيق الزيادات على تلك البدلات المحددة بالعملة الاجنبية.
ويبقى السؤال: هل يمكن تسديد تلك البدلات بالليرة اللبنانية؟
برأينا يقتضي التفريق بين العقود التي تنص على تحديد بدلات الايجار "بالعملة الاجنبية" وبين تلك التي تنص على تحديدها "بالعملة الاجنبية او بما يوازيها بتاريخ الدفع". او ورود عبارات اخرى كالقول مثلاً: تؤخذ بعين الاعتبار الظروف الاستثنائية لناحية عدم توفر عملة صعبة، او يؤخذ بعين الاعتبار تدني سعر صرف الليرة في حال قرر المستأجر الدفع بالليرة اللبنانية: او يمكن الدفع بالليرة اللبنانية شرط ان لا تقل عن مبلغ معين لسعر الصرف...الخ
ففي الحالة الاولى، لا يمكن للمستأجر ان يطالب بالدفع بالعملة اللبنانية بما يوازي السعر الرسمي للدولار او لغيره من العملة الاجنبية، وعليه الدفع بتلك العملة. ولا حل في هذا المجال الا بتعديل القانون والقول مثلاً بأنه يمنع التعاقد ببدل غير العملة اللبنانية. او بالنسبة للعقود المعقودة اساساً انه على الرغم من ورود بند ينص على ان البدل محدد بالعملة الاجنبية فأنه يحق للمستأجر الدفع بما يوازي البدل بالعملة اللبنانية بتاريخ الدفع.
اما اذا كان العقد ينص اساساً على امكانية الدفع بالعملة الاجنبية او بما يوازي العملة الاجنبية بتاريخ الدفع، فلا مشكلة ويستطيع المستأجر الدفع بالعملة اللبنانية حسب السعر الرسمي للعملة الاجنبية.( مع الاخذ بعين الاعتبار الرأي الذي سنورده لاحقاً والمتعلق بالسعر الرائج بتاريخ الدفع).
* *
*
وبالتالي، نستطيع تلخيص الموضوع كالتالي:
1- الاوراق النقدية بالعملة اللبنانية محددة في المواد 6 و7 و8 من قانون النقد والتسليف ويجب التعامل بها ولا يمكن رفضها لدى توجب اموال نقدية بالعملة اللبنانية، تحت طائلة الملاحقة: المادة 319 عقوبات. هذا اذا كان الدين المتوجب او المبلغ المتوجب بالعملة اللبنانية. والهدف هو ان هذه الاوراق هي اوراق العملة اللبنانية ويجب التعامل بها كعملة لبنانية لا اكثر ولا اقل. والمادة 92 من قانون النقد والتسليف تفسر على الشكل الآتي: عندما تتوجب لنا مبالغ مالية بالعملة اللبنانية نقبضها بالعملة المدفوعة في المادتين 7 و8 من القانون عينه. هذا اذا كان الدين بالعملة اللبنانية. ولكن هذه المواد لا تتكلم عن الدين بالعملة الاجنبية.
2- العقود والاتفاقيات والسندات والشيكات والديون بشكل عام بالعملة الاجنبية قانونية وليست ضد الانتظام العام.
3- تبقى المسألة الآتية: ما اذا كان يمكن دفع البدل المحدد بالعملة الاجنبية عن طريق التسديد بالعملة الوطنية. وهي المسألة التي اجبنا عليها اعلاه.
هذا مع العلم ان المادة 301 موجبات وعقود تنص على ما يأتي:
المادة 301 موجبات وعقود:
عندما يكون الدين مبلغاً من النقود، يجب ايفاؤه من عملة البلاد وفي الزمن العادي حين لا يكون التعامل اجبارياً بعملة الورق، يظل المتعاقدون أحراراً في اشتراط الايفاء نقوداً معدنية معينة او عملة اجنبية.
وبالتالي فإن هذه المادة لا تمنع التعامل بالنقود المعدنية او بالعملة الاجنبية، بل اجازت ذلك.
وتبقى مسألة ثانية: هل يجب التسديد، لدى ورود نص في العقد المنظم بالعملة الاجنبية والذي يجيز الدفع بالعملة اللبنانية بالاستناد الى السعر الرسمي ام السعر الرائج وقت الدفع؟.
اذا عدنا الى منطق الامور يجب التسديد طبقاً للسعر الرسمي. ولكن هناك رأي علمي آخر مفاده: عدم وجود نص يتكلم عن صرف العملة الاجنبية بالسعر الرسمي للعملة الوطنية، واعتماد لبنان على النظام الاقتصادي الحر الذي لا يعترف بتحديد سعر رسمي لتبادل العملات. وعلى سبيل القياس ما ورد في نص المادة 432 من قانون التجارة لجهة دفع قيمة الشك بالعملة اللبنانية وفق السعر الرائج.
المادة 432:
"اذا اشترط ايفاء الشك بعملة غير دارجة في لبنان فيجوز دفع المبلغ في مهلة عرض الشك بليرات لبنانية معادلة لقيمته في يوم الايفاء. واذا لم يتم الايفاء عند العرض فلحامل السند الخيار بأن يطلب دفع قيمة الشك بالعملة اللبنانية بحسب السعر الدارج في يوم العرض او في يوم الايفاء.
ويجب اتباع العرف اللبناني في تحديد سعر كل عملة اجنبية يحرر بها الشك، لاجل تعيين قيمتها بليرات لبنانية على ان للساحب ان يشترط حساب القيمة الواجب ايفاؤها بسعر معين في الشك. ولا تطبق القواعد المتقدم ذكرها عندما يشترط الساحب الايفاء بعملة معينة (شرط الايفاء الفعلي بعملة اجنبية)".
* *
*
موضوع دقيق سوف يعرض دون ادنى شك على المحاكم اللبنانية لان معظم العقود منظمة بالدولار، والدولار شبه مفقود، وقيمة صرفه نسبة لليرة اللبنانية باتت باهظة جداً. والمالك والمستأجر وبشكل عام الدائن والمدين في حالة بلبلة، ويقتضي حسم الموضوع من قبل المشرع. وبانتظار ذلك فإن المحاكم هي التي سوف تحسم النزاعات حسب كل ملف يعرض عليها.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟