يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

شهادة للتاريخ

Wednesday, February 26, 2020 5:24:20 PM

بقلم حبيب البستاني

تشهد الساحة الداخلية تجاذبات سياسية طبيعية بالمفهوم السياسي وغير طبيعية بالمفهوم الأخلاقي، من الطبيعي أن يتراشق الجميع بالتهم نتيجة خلافات سياسية أو تحولات سياسية لا فرق ينتج عنها إعادة تموضع ، ولكن ليس من الطبيعي بمكان أن يتبارى البعض بفبركة ملفات واختراع وقائع لا وجود لها، وهي لا تنطلي على أحد إن لطريقة إخراجها السيئة من جهة، ولتجاهلها الوقائع الدامغىة التي لا لبس فيها والتي لا تحتمل التاويل او الاجتهاد من جهة ثانية.
السدود
ربما لم يستطع العهد من إنهاء كل الملفات التي عمل عليها وما أكثرها، ولكن الإنجازات كبيرة وكثيرة في فترة زمنية قصيرة نسبياً سيما وأننا نعيش في بلد متعدد الولاءات والاتجاهات السياسية، تتحكم فبه مصالح الأشخاص حتى لو تعارضت هذه المصالح مع المصلحة العامة، فمصلحة رئيس الحزب وابن الطائفة لم تزل أقوى من إبن الوطن وإبن القضية، بلد اصبحت فيه المصلحة العامة وجهة نظر، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن السدود التي تشكل واحات ماء تتناغم مع الطبيعة، ويمكن أن تولد الطاقة النظيفة ناهيك عن أهميتها كعنصر من أهم عناصر الحياة، حتى أن وجود الحياة لا يمكن أن يحدث بدون وجود المياه وذلك عملاً بالآية الكريمة التي تقول " وقد جعلنا من المياه كل شيء حي "، قد تتحول إلى موضع تجاذب سياسي، حتى أن البعض اعتبرها عنصراً مشوهاً للطبيعة. وهكذا تحول البيئيون الجدد إلى المحافظين الجدد همهم الأول حرمان الناس لا سيما الفقراء منهم من أبسط حاجاتهم.
الكهرباء
أما الكهرباء فحدث ولا حرج فكل الأطياف السياسية المشاركة في الحكومات السابقة، عنينا بها حكومات الوحدة الوطنية كانت توافق داخل مجلس الوزراء على كل الخطط المرسومة لهذا القطاع، لتنبري وتعارضها من خارج مجلس الوزراء. كل ذلك واللبنانيين كل اللبنانيين شهود على ذلك، فنغرق في مقولة " من قبل الدجاجة أم البيضة "؟ فلا نريد زيادة التعرفة قبل الحصول على الكهرباء 24 على 24 وفي نفس الوقت لا يمكن الحصول على الطاقة المتواصلة بدون دفع الكلفة الحقيقية لها، حتى أن بعضهم أدخل البلاد والعباد في دوامة ونقاش بيزنطي لا طائل منه علماً أنه ما من تاجر يبيع بسعر أدنى من سعر الكلفة إلا ويخسر. وبالرغم من كل ذلك ازدادت القدرة الإنتاجية ولكن العدد الهائل من النازحين استهلك الزيادة واستهلك كما يقول المثل الدارج المال والرسمال. بهذه البساطة المسالة التي تبدأ بعلم الحساب الذي لا يريد أن يسمع معظم السياسيين به تنقلب إلى مبارزات تقنية، ومماحكات تبدأ بمجلس الإدارة ولا تنتهي في ديوان المحاسبة. وعلى الرغم من كل ذلك وضعت الخطط وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي الذي كان شريكاً اساسياً فيها ولم يبق إلا وضعها على سكة على التنفيذ.
المالية العامة
أما في موضوع المالية العامة فهناك الطامة الكبرى، بلد يسير منذ أكثر من عقد بدون موازنة والصرف على الغارب كما يقال وعلى القاعدة الإثني عشرية تطبيقاً للمثل الشائع " أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب " فتم صرف ما في الجيب إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وحده فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استشرف المستقبل ولم يرضى إلا أن يضع الموازنات الثلاث لأعوام ولايته الأولى، وها هو اليوم يمتنع عن مهر موازنة 2020 بتوقيعه قبل إجراء عملية قطع الحساب، إذ إن خطط الحكومات القديمة كانت تقوم على استنزاف الوقت للوصول إلى مقولة أننا لا بد من إتمام الموازنة قبل قطع الحساب، علماً أن قطع الحساب لا يشكل قطعاً للرقاب بقدر ما هو يبين عن كيفية الصرف الذي تم ومن قام به وعلى أية قاعدة، ويبقى بعده الحكم للشعب وللقضاء إذا تبين أن هنالك مخالفات حصل.
الانتخابات
وفي السياسة أيضاً لقد أصر العهد على إجراء الانتخابات النيابية وعدم التمديد للمجلس النيابي ولكن ليس على أي قانون، بل تم إقرار قانون عصري للانتخابات مبني على النسبية التي تحقق التمثيل الصحيح والعادل لكل المكونات السياسية والطائفية.
الأمن
كما في السياسة كذلك في الأمن، حيث أنه تم توحيد أهداف مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية وأصبح لبنان واحداً من البلدان القليلة في المنطقة العربية والشرق أوسطية الخالٍ من الإرهاب والإرهابيين، وانخفض معدل الجريمة بشكل ملحوظ واستطاعت الدولة وأجهزنها الأمنية من فرض سيطرتها على كل المربعات الأمنية من الساحل غلى الجرد ومن الشمال إلى الجنوب.
عودة النازحين
كذلك كان للعهد مواقف واضحة ومن أعلى المنابر الدولية والعربية للمطالبة بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم وتثبيت حق العودة المشروع للشعب الفلسطيني، مع ما استتبع ذلك لرفض لإعلان صفقة القرن ومندرجاتها التي تنادي بتوطين الفلسطينيين في بلاد الشتات ومنها لبنان.
كذلك كانت النهضة التشريعية التي لم تزل قائمة حتى اليوم لوضع الأسس القانونية والضوابط العدلية لمكافحة الفساد وسوق الفاسدين أمام القضاء، واستعادة المال المنهوب إلى ما هنالك من تطبيق لمبدأ العدالة لا سيما مبدا الثواب والعقاب.
كل ذلك حدث وكانت المراسيم جاهزة للبدء بعمليات التنقيب عن الغاز والنفط، هنا قامت قائمة المعرقلين من مراجع دولية وإقليمية وعلى راسها الدولة العبرية التي لم تزل غير راضية عن بسط لبنان سيطرته على كامل أراضيه وثروته في البحر والبر.
الإنجاز التاريخي
واليوم يسجل العهد الإنجاز التاريخي الأكبر والأهم في تاريخه بعد إعلان دولة لبنان الكبير منذ حوالي ال 100 عام ، فالبدء بالتنقيب عن النفط الذي تأخر أكثر من 70 عاماً يشكل التحدي الأكبر الذي لم يستطع على البدء به أي من العهود السابقة وذلك لاعتبارات لا تخفى على أحد ومنها الضغوط الدولية لإبقاء لبنان بلداً من بلدان الدول النامية، واليوم لقد جعل الرئيس عون لبنان بلداً نفطياً بكل ما للكلمة من معنى، وهذا الإنجاز الذي من المقدر أن يتكلل بالنجاح سيغير وجه لبنان ويعطي الأمان والاطمئنان والرخاء لشعبه. ولمواكبة هذا الإنجاز التاريخي الجميع مدعو لا ليقف مع الرئيس وحسب بقدر ما هو مدعو للوقوف مع لبنان، فرئيس الجمهورية بات اليوم وأكثر من اي وقت مضى يشكل رمز لبنان وعزته ومنعته وكرامته.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟