يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

هذه الحكومة هي عدمٌ في خدمة ائتلاف العدم الحاكم

Thursday, February 20, 2020 11:50:52 AM


بقلم عقل العويط

هذه حكومةٌ جيء بها على أساس أنّها مجهّزةٌ بطاقمٍ من الاختصاصيّين والخبراء الإداريّين المحنّكين (والمستقلّين؟!) الذين سيشيلون الزير من البير، وأنّها ستباشر فورًا وضع تصورّاتها ورؤاها وخططها الإصلاحيّة والإنقاذيّة موضع التنفيذ. بل موضع التنفيذ الفوريّ. وأنّ علامات التحوّل الإيجابي في الوضع المأسويّ العامّ ستبدأ بالانقشاع ابتداءً من اليوم التالي لتسلّمها مقاليد السلطة.
كلّ ما هو معروفٌ عن مفاعيل وجود هذه الحكومة منذ نيلها ثقة "سيّد نفسه"، أنّ سعر صرف الدولار "الرسميّ" بقي على حاله (1517 ليرة)، في حين أنّ سعر الصرف في السوق قفز من ألفي ليرة إلى 2500 – 2600 فما فوق. والحبل قريبًا (اليوم، غدًا، بعد غد، مش أكثر) على الجرّار. شو القصّة؟
كلّ ما هو معروفٌ أيضًا أنّ هذه الحكومة لا يملك خبراؤها واختصاصيّوها الإداريّون المحنّكون، خطّةً إنقاذيّةً، موحّدةً وهادفةً، لانتشال البلاد والعباد ممّا هي وهم فيه.
للتأكّد من هذه "الحقيقة" الصافعة، ليس على المرء سوى أنْ ينظر بشفقةٍ ومرارة، وبهلعٍ خصوصًا، إلى تصرّفات الحكومة العشوائيّة، المضطربة، والمرتبكة في الشأن الماليّ، إذ تروح تسأل هذا، وتهرع إلى ذاك، وكأنّها طفلٌ يحبو، ولا يعرف أنْ يفكّ الحرف.
إذا كانت هذه الحكومة لا تعرف، أو لا تقدر، ولا اختصاصيّوها وخبراؤها يعرفون أو يقدرون، لأسبابٍ شتّى، بعضُها لا علاقة له ربّما بمعرفتهم أو قدرتهم، ماذا ينبغي لها أنْ تفعل حيال الأزمة الماليّة – الاقتصاديّة – الاجتماعيّة، فليس عليها سوى أنْ تعطينا عرض كتفيها و... ترحل، غير مأسوفٍ عليها وعلى مَن أتى بها.
المسألة لا تحتاج إلى درس في مدرسة عينطورة (هذا مثلٌ قديمٌ شائع، مفاده ومختصره أنّ مدرسة عينطورة كانت مضرب مثلٍ للعلم والنور ولبتّ الأمور في ما مضى من أزمنة)، ولا في السوربون، ولا في كامبريدج. فهذه حكومة هي "شاهد ما شفش حاجة". إنّها حكومةٌ لا تملك سببًا للعيش، ولا للبقاء، ولا للبحث عن حلول.
والحال هذه، ما سبب وجودها؟
فليقل لنا ما سببَ وجودها، رئيسُ الجمهوريّة وتيّارُه، "التيّار الوطنيّ الحرّ" الذي يستفظع كُثُرٌ بناءه مملكةً معيبةً له (قانونيّة!) فوق صخور نهر الكلب الدهريّة، مشوّها بذلك إرثًا جغرافيًّا وتاريخيًّا عزّ نظيره بين المواقع والأمكنة؟!
وليقل لنا سببَ وجودها، الثنائيُّ الشيعيُّ، حركة "أمل" و"حزب الله"، سوى التحكّم بمفاتيح السلطة التنفيذيّة، لاستكمال التحكّم بمفاصل السلطات كلّها في الجمهوريّة اللبنانيّة المحتلّة؟!
شرطُها الوجوديّ، هذه الحكومة، ما هو؟ شرطُها الوجوديّ أنّها صنيعة هؤلاء.
شرطُها الوجوديّ أنّها خادمةٌ غير شريفةٍ عندهم (مع الاعتذار العظيم من الذين تقوم صنعتُهُم على خدمة الناس لقاء أجرٍ شريفٍ وكريم). شرطُها الوجوديّ أنّها ألعوبة.
شرطُها الوجوديّ أن لا وزن لها. ولا معنى. ولا دور. ولا فاعليّة. شرطُها الوجوديّ أنّها لا شيء. لا أحد. شرطُها الوجوديّ أنّها صفرٌ على الشمال. شرطُها الوجوديّ أنّها عدم. وهذا هو المقصود من "وجودها". أنْ تكون عدمًا. وهي عدمٌ بعدم. وهذا ما يريده لها الذين جاؤوا بها.
... أمّا بعد، فإذا على يد هذه الحكومة الأجيرة لن يُلقى القبض على كبار ناهبي الخير الوطنيّ العام، ولا على عظيمي مهرّبي الأموال، ولا على مختلسيها وسارقيها، ولا على المتلاعبين الجشعين بودائع صغار المودعين، فلماذا الحكومة؟!
... أمّا بعد، فنحن مقدمون على أيّامٍ سودٍ، يُراد منها لا تقويض أمبراطوريّة الفساد الحاكمة، بل مصادرة الجمهوريّة، والاستيلاء عليها، وتركيع الناس الفقراء الجياع الأوادم الطيّبين الثوّار المنتفضين الأحرار، بجعلهم كبش المحرقة الوطنيّة التي يديرها التحالف المذكور أعلاه.
والحال هذه، ماذا تنتظرون لتفرضوا على هذه الحكومة فرضًا – بقوّة الضغط الديموقراطيّ السلميّ المنظّم من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب مرورًا بالعاصمة – الاستعادة الفوريّة للمال المهرّب والمنهوب والمختلس (أكرّر: الاستعادة الفوريّة للمال المهرَّب والمنهوب والمختلس)؟!
هذا هو الحلّ الوحيد لبقاء الجمهوريّة. ولبقاء اللبنانيّين في هذه الجمهوريّة. عليكم أيّها الناس الفقراء الجياع الأوادم الطيّبون الثوّار المنتفضون الأحرار، عليكم بهذا الحلّ. الآن. وفورًا. أكرّر: وبأسلوب الضغط الديموقراطيّ السلميّ المنظّم من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ساحلًا وجردًا، مرورًا بالعاصمة. ولا تتراجعوا إلّا بعد انتزاع هذا الحلّ، المعروفة كيفيّة تحقيقه وفق معايير الحقّ الدوليّ.
... وإلّا، اقبعوا هذه الحكومة من جذورها وأصولها، واقبعوا من جاؤوا بها من أجل أنْ تكون صنيعةً وألعوبةً وأجيرةً وعدمًا في خدمة ائتلاف هذا العدم الحاكم؟!

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟