يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

الحكومة بين أسر الوعود ومرارة الواقع السياسي

Tuesday, January 21, 2020 5:20:11 PM

بقلم حبيب البستاني

ليس جديداً على المشهد السياسي اللبناني بروز الأزمات عند تشكيل الحكومة، فالبلاد تعيش في ظل واقع سياسي مأزوم حتى ما قبل دخول الحراك على الخط كأحد العوامل المؤثرة على الساحة السياسية، ويخطىء من يظن أنه وبمجرد ضغط الشارع والخطر الكبير المحدق بلبنان شعباً ودولة ومؤسسات، يمكننا من استيلاد حكومة جديدة بالسرعة المطلوبة، فعملية تشكيل الحكومات لم تكن في يوم من الأيام عملية ميسرة وسريعة وسهلة، وأنه وبالرغم من العقبات الكبيرة التي تم تذليلها من أمام التأليف قبل التكليف، إلا أن مخاض الساعات الأخيرة لم تزل قائمة. وبالرغم من مقولة البعض بأن الحكومة هي حكومة اللون الواحد، فإن الأفرقاء الذين ستتشكل الحكومة منهم وبغض النظرعن حال الخصومة أو التوافق في ما بينها أو حتى الانتماء إلى نفس المعسكر الواحد، تبقى العقد على صغرها أو تعاظمها لا فرق، تحتاج إلى وقت لحلها وقد تحتاج إلى دخول أكثر من فريق على الخط لإتمام عملية الإخراج النهائي. فما الذي يجري؟

موقف أرسلان
بعد أن رست الحكومة على ما رست عليه وبعد أن تبلورت بورصة الأسماء، حاول الأمير طلال ارسلان الاستفادة إلى أقصى حد من المعطيات الجديدة والمتمثلة بغياب اللقاء الديمقراطي والوزير جنبلاط عن دائرة التأليف، فوجد رئيس كتلة ضمانة الجبل أن الوقت مؤات للاستفادة من الفرصة المتاحة لاحتكار التمثيل الدرزي، لا بل إلى الذهاب لتكبير الحصة الدرزية وبالتالي الحصول على أكثر من وزير.

الحزب القومي
بدوره وجد الحزب السوري القومي الاجتماعي أن الفرصة سانحة لتسمية من يريد مرشحاً لدخول جنة الوزارة كون مشاركته في الحكومة أصبحت أكثر من ضرورية لتكبير حجم مانحي الثقة أقله، وكونه واحداً من الأفرقاء السياسيين الذين لهم حصة في تشكيل الحكومات.

الرئيس المكلف
لقد وعد الرئيس المكلف بتشكيل حكومة مصغرة رسم لها حجماً لا يتجاوز ال 18 وزيراً وراح يناور ويفاوض على هذا الأساس، علماً انه وبالمفهوم السياسي فإن ذلك لا يشكل مكسباً أو ينتج عنه خسارة، بمعنى أن العدد بحد ذاته ليست له اية دلالة أو معنى، وبالتالي فإن معيار نجاح الحكومات يقاس بمقدار نجاحها في تطبيق البيان الوزاري ومندرجاته والتي على أساسه تنال الثقة وليس في عدد وزرائها، وهكذا وبالرغم من النصائح التي أسديت للرئيس المكلف بضرورة توسعة الحكومة العتيدة إلى عشرينية وذلك لكي تستوعب كل مطالب الأفرقاء و شهيتهم " المشروعة " للتوزير، فإن الدكتور دياب بقي مصراً على موقفه وأمضى حوالي الشهر منذ تسميته مكبلاً بوعد قطعه على نفسه رفض أن يحيد عنه، بالرغم من كل المعطيات التي كانت تؤشر إلى صعوبة تشكيل هكذا حكومة، وذلك نظراً للتركيبة الطائفية للحكومة التي يجب أن تساوي بين مختلف الطوائف والمذاهب من جهة، وضرورة توزيع مقاعدها على التكتلات السياسية من جهة أخرى.

هل تشكيل الحكومة عملية تقنية بحتة ترتكز إلى تطبيق المعايير بصورة علمية أم ماذا؟
لقد كان لافتاً أن تحرك الثلاثي، القومي فرنجية وأرسلان جاء في توقيت متقارب وفي اللحظة القاتلة لتشكيل الحكومة، أي في الوقت الذي كانت فيه المشاورات قد قطعت شوطاً بعيداً نحو إنجاز التشكيلة، وبالتالي فقد كانت الشروط الأخيرة كافية لفرملة الولادة، وقد تمكنت من فرض تركيبة جديدة للحكومة وليدة الحاجة، وذلك لتشكيل حكومة من 20 وزيراً بدلاً من 18، ومن هنا يتساءل البعض عن إمكانية وجود عراقيل لتشكيل الحكومة تتجاوز الداخل لتصل إلى الإقليم وما أبعد من الإقليم، وربما هذا التساؤل المشروع سيجد له الجواب الشافي سيما بعدما ابدى المعنيون في تشكيل الحكومة كل التجاوب مع المسعى الذي قام به الثنائي الشيعي لتذليل عقبات الربع ساعة الأخير، وعندها سنتبين وكما يقول المثل الدارج " العنزة من أم قرون". وهل الموضوع هو موضوع حقيبة من هنا أو حقيبة من هناك أم أن هنالك وراء الأكمة ما وراءها؟

تعقيدات التأليف وتعقيدات الشارع
كما في الحكومة كذلك في الشارع، حيث ظهر التضارب في المصالح والأهداف داخل الفريق الواحد، فظهرت أعمال العنف التي بدت ليست كوسيلة بقدر ما هي هدف، وأصبح تكسير بيروت واحداً من أهم الأهداف من قبل فريق كان من المفترض أن يكون من أكثر المدافعين عنها، نظراً لهويتها وإرثها العمراني كأحد أهم إنجازات الشهيد رفيق الحريري.
هكذا نرى أن البلد تتعمق فيه الخلافات العبثية حيناً والموجهة أحياناً، وبالتالي إن تشكيل حكومة إنقاذ قد يكون مهماً لإنقاذ الاقتصاد ومالية الدولة وأموال الناس، إنما لا مناص لأية حكومة من أن تتصدى للمشكلة الأساسية التي يعاني منها لبنان ألا وهي المشكلة الطائفية، وأصبح ملحاً ومن الضروري العمل على إرساء الدولة المدنية التي وضعها العهد من أولى أولوياته، وبات لزاماً على كل اللبنانيين حراكاً وسياسيين أن يعمل في هذا الاتجاه بغية إنقاذ لبنان كل لبنان.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟