يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19
اللعبة الدولية والأزمة الداخلية

Thursday, January 9, 2020 6:53:03 PM

بقلم حبيب البستاني

يتبارى أهل الصحافة والسياسة بمشهدية أشبه بسوق عكاز، وكاننا نعيش على كوكب من خارج المجموعة الشرق أوسطية ومشاكلها المتوارثة وقضيتها المركزية مع ما يرافقها من تدخلات إقليمية ودولية تزيد اللعبة تعقيداً، ويصبح العصفور باليد أشبه بسحابة صيف لم تمطر، فمن منادٍ بالحياد "الإيجابي" وكأن هنالك حياداً سلبياً، ومن منادٍ بضرورة الالتزام إلى حد الالتصاق بالقضية الفلسطينية ومحور الممانعة، كل ذلك وأهل الصبي في فلسطين وبلاد العجم يحسبون الرد ويقيسونه بميزان الجوهرجي، فلا إفراط باستعمال القوة ولا انتفاء لاستعمالها، ولكن باستعمال ما يوجع وما يردع في المكان والزمان والقوة الذي يختارونها. ومن المفارقات أن ما سبق وذكرناه قد أصبح اليوم حقيقة مع إعلان مندوب إيران في الأمم المتحدة أن الرد على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني قد انتهى، وإعلان مندوبة الولايات المتحدة استعداد أميركا لإجراء محادثات مع إيران بدون شروط مسبقة، فما الذي جرى للرجوع إلى العقلانية في التخاطب بدلاً من قرع طبول الحرب؟

لا أحد يريد الحرب والجميع يريد النفط
لقد بات من المؤكد أن لا أحداً من الأطراف الدولية يريد الحرب، لا سيما الدول القادرة عليها، وذلك بغض النظر عن بعض اللاعبين "الصغار" الذين يريدونها، لا بل يقومون بكل شيء محاولين عبثاً إشعالها وتحديداً الدولة العبرية، التي لا يمكنها الاستمرار بسياستها العدوانية والتوسعية بدون حرب معلنة أو ظروف عسكرية مؤاتية لها.
لقد جرب الأميركي ولأهداف داخلية بحتة خاصة به ومنها على سبيل المثال لا الحصر تهيئة عودة ترامب مظفراً في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقام الجيش الأميركي بقتل قائد فيلق القدس لفرض أمر واقع جديد في المنطقة تستطيع من خلاله الولايات المتحدة تغيير قواعد اللعبة من جهة وطمأنة حلفائها وإظهار مدى قوتها من جهة أخرى، مع إرسال رسالة واضحة إلى الداخل الإيراني تعرب فيها عن مدى التزامها به وبدعاة التغيير من المحتجين في طول البلاد وعرضها.

الارتدادات العكسية لقتل سليماني
حساب الحقل الأميركي لم يتطابق مع حساب البيدر الإيراني، فجاء رد الجمهورية الإسلامية من دون إبطاء، وجرى الاستفادة من عامل المفاجأة التي أحدثت إرباكات كبيرة في صفوف القوات الأميركية المتواجدة في العراق، وقامت هذه الأخيرة بعمليات إجلاء سريعة وصفها البعض ببداية الانسحاب من بلاد ما بين النهرين، بالإضافة إلى ذلك أحدث مقتل سليماني موجات عارمة من التعاطف في طول البلاد وعرضها، ونزل الملايين إلى الشوارع للمشاركة في مراسم التشييع في معظم المدن الإيرانية، وسقطت مقولة الانتفاضة الشعبية ضد حكام طهران، التي كان الأميركيون يعملون عليها وعلى تظهيرها في مختلف وسائل الإعلام الغربية.

الحسابات الدولية
لقد أصبح الجميع على يقين ان هنالك خطوط حمر قد رسمت في المنطقة وأنه ما من أحد بمقدوره لوحده تغيير قواعد الاشتباك أو قواعد اللعبة لافرق، وبالتالي فقد جرى تقسيم مناطق النفوذ بين الدول الكبرى، الهدف منه تقاسم الئروات في سوريا والخليج وحماية ما يعرف بمنابع النفط والغاز في شرق المتوسط، وأن كل المناورات التي يقوم بها هذا الفريق أو ذاك ليس الهدف منها زعزعة الاستقرار، بقدر ما هو تحسين شروط البعض للحصول غلى مكاسب أو مغانم أكبر لا أكثر ولا أقل.

ألأزمة الداخلية إلى الواجهة مجدداً
إن عملية تشكيل الحكومة أصبحت تأخذ الحيز الأكبر من اهتمامات الداخل كما الخارج، وإن الاستمرار في عملية المراوحة أوالمماحكة بدأت تأكل من رصيد الرئيس المكلف، ولا سيما من الناحية المتعلقة في شكل الحكومة وذلك قبل الدخول في مضمونها والأسماء، وبالتالي فإننا كلما تأخرنا في التأليف كلما ازدادت شهية الأطراف السياسية وتبدل مزاجها، وهنا لا بد من الإشارة أن المزاج السياسي ليس مجرد نزوة أو طمع بقدر ما هو نتيجة طبيعية للتطورات الإقليمية وانعكاساتها على الداخل اللبناني، وإن المشهد الإقليمي لا يمكن لأحد التكهن بتطوراته التي تخضع لإرادات دولية ليس أقلها استعمال لبنان كورقة ضغط أو "فرق عملة"، كما كان يستعمل دائماً طيلة سنوات الحرب وسنوات الوجود الغريب على الأرض اللبنانية، حيث شكلت الساحة المحلية صندوق بريد لتبادل الرسائل السياسية حيناً والأمنية أحياناً. من هنا فإن ما كان مطلوباً البارحة قد يصبح مرفوضاً غداً، وما هو ممكن اليوم قد يصبح مستحيلاً، وإذا كانت الرسائل السياسية ترسل اليوم بالتلميح من ضرورة وجود سياسيين أو حكومة تكنوسياسية، قد يصبح أمراً واقعاً غداً وذلك بفعل وتيرة تسارع الأحداث، وبحجة ضرورة وجود سياسيين في السلطة يمكنهم من التصدي للمخططات قد تصبح حكومة الاختصاصيين في مهب الريح أو قد تطعم بسياسيين.

الحكومة اليوم أو لا حكومة
كل ذلك يأخذنا إلى قناعة من أنه على الرئيس المكلف ان يحزم أمره ويقوم بتشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، وإلا نكون قد دخلنا أو أدخلنا البلد عن قصد أو عن غير قصد في لعبة المحاور وشد الحبال وعض الأصابع، لقد أبدى فخامة رئيس الجمهورية كل الدعم لولادة حكومة ترضي الناس وتعيد الثقة بلبنان وتعمل على وضع الحلول للأزمة المالية وتسيير العجلة الاقتصادية في مهلة زمنية معقولة.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟