يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

الكرسي "طارت"... إلى المصارف دُر

Wednesday, January 8, 2020 1:44:46 PM

خاص "اللبنانية"

كشفت ثورة 17 تشرين الأول المستور ليس على الصعيد السياسي والمحاصصات التي تحكم لبنان منذ أكثر من 30 عاماً فحسب، بل إن انتفاضة الشارع نزعت القناع عن الفساد المستشري في مختلف مؤسسات الدولة والهشاشة التي تتسم بها القطاعات كافة وعلى رأسها القطاع المصرفي الذي لطالما كان العمود الفقري للاقتصاد. هذا القطاع "المرسمل" من الطبقة السياسية نفسها الحاكمة منذ العام 1993.

نعم، هذا القطاع يعتبر "صمام الأمان" للاقتصاد اللبناني أضحى اليوم، بفضل السلطة السياسية صاحبة المصلحة والسياسات المالية المتبعة منذ الـ1993 أبرز المشاركين في الأزمة المالية والمعيشية التي يمر بها لبنان. لقد انكشف المستور وبدا واضحاً أن الهندسات المالية التي قام بها حاكم المصرف في العام 2016 والفوائد المرتفعة التي وصلت إلى 20% واستخدمها وسيلة لجذب الاستثمارات لم تساهم إلا في تضخيم ثروات أصحاب السلطة فحسب.

لكن الجديد اليوم أو السؤال عن الذي استجد حتى تحوّل ضغط بعض السياسيين للعودة إلى السلطة عبر إغلاق الشوارع والاوتوسترادات، أصبح يستهدف أيضاً المصارف في ظل تلويح الموظفين بالإضراب إذا ما استمر الهجوم عليهم؟ لا سيما في مناطق عكار من العبدة ورحبة والقبيات إلى حلبا وصولاً إلى طرابلس وصيدا وهي مناطق محسوبة على تيار سياسي معروف.

والمعلوم أن قوننة الإجراءات البنكية عبر "كابيتال كونترول"، لها انعكاسات سلبية وخطيرة على نظامنا المالي المتهالك بعد أن كان لبنان ينعم بنظام اقتصادي حُرّ. والسبب ببساطة يعود إلى السلطة السياسية التي حكمت ليس منذ اليوم بل منذ العام 1993، إذ لم تستفد من الديون سوى فئة اعتمدت سياسة الاقتراض من الخارج وصلت إلى 16 مليار دولار بين عامي 1990 و2010، ولم تنفقها على تعزيز الاقتصاد والتنمية، بل وزعتها على بعضها البعض وراكمت الثروات عبر مشاريع لبنى تحتية غير صالحة، وأموال المهجرين التي تجاوزت المليارات، وسمسرة وتعهدات فاسدة لمشاريع وهمية، وملف الاتصالات الذي يفوق حجم الهدر والفساد فيه الـ200 مليار سنوياً، وغيرها من القطاعات والمرافق المنهوبة. فهذه السلطة تعلم ما اقترفته يداها بحق لبنان واقتصاده وناسه الطيّبين. هذه الفئة نفسها تستغل اليوم شارعها وأناساً حرمتهم أبسط حقوقهم وتستخدم الخطاب الطائفي والمذهبي لتحريكهم غبّ الطلب! فاليوم جاء دور المصارف عبر تحريك الشارع بناء على أوامر هذه الفئة وفي مناطق معروف انتماؤها السياسي.. لإيصال رسالة مفادها "خروجي من السلطة يعني الخراب والتخريب".

فالسلطة تقف اليوم متفرجة على المصارف وهي تخالف الدستور والقوانين وتحتجز ودائع المواطنين. وهي التي باركت في الماضي السياسات المالية "الخاطئة" لمصرف لبنان. والأشد نكاية من ذلك كله أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قال بالفم الملآن أن مصرف لبنان يملك 30 مليار دولار قابلة للاستعمال؟ لماذا إذاً لا يلجأ إلى تعويم المصارف بالدولارات؟ ولماذا يترك السوق السوداء تتحكم بسعر صرف الليرة؟

السؤال الأهم هو أين ذهبت كل الأموال التي جنتها المصارف طوال هذه الأعوام؟ وأين دور حكومة تصريف الأعمال التي اختارت النأي بنفسها عن أزمات البلد؟ وما مصير الأموال التي تم تهريبها خارج لبنان منذ أيلول وحتى أول أيام ثورة 17 تشرين الأول؟

المسؤول أولاً وأخيراً هم السياسيون المتحكمون باقتصاد البلد وخيراته. السياسيون الذين لم يشبعوا فساداً وسلاحهم الأول اليوم بات الضغط من بوابة المصارف مدّعين أنهم مفتاح الحل لأزمات هم مسببوها! بل مشعلو النار فيها. فإذا كان التمسك بالسلطة أمر مباح بل متاح لأن قوى السلطة لم تزل هي القادرة على إدارة اللعبة، فإن المعيب هو اللعب بمصائر اللبنانيين من أجل البقاء أو العودة إلى السلطة، تحت شعار "أنا أو لا أحد".

أما صغار المودعين فيقفون عاجزين أمام عصابات مغطاة من السلطة السياسية، فهي إن حاولت سحب ودائعها يقف لها المرابون بالمرصاد. ووصل الأمر بالبعض في البنوك استغلال حقوق الناس وحاجتها لودائعها باقتطاع من 20 إلى 30% من الوديعة شرطاً لتحويلها أو سحبها. وهذا الأمر بات يشبه السوق السوداء القائمة التي عززها الصيارفة الذين يمسكون بالأسواق المالية. فكيف للصراف مثلاً أن يشتري الدولار من المصرف بـ 1515، 1517 ويبيعه بمبالغ وصلت إلى 2200 ل.ل؟

من المسؤول عن عمل الصيارفة؟ فهم من المفترض أنهم يخضعون للجنة الرقابة على المصارف من جهة، ومرخصين من قبل مصرف لبنان. وماذا مثلاً عن تبييض الأموال أو تمويل الارهاب وحتى التحويلات المصرفية من يراقبها سوى مصرف لبنان؟ والحديث يجري أيضاً عن تواطؤ بعض المصارف نفسها مع الصرافين الذين تؤمن لهم الدولار المفقود من المصارف.

يبدو أن هذه الفوضى السائدة اليوم في الأسواق المالية، فضلاً عن الحملات المشبوهة من حرق وتكسير لبعض المصارف مع الأطراف يعود إلى أطراف سياسية تشعر بأن الكرسي "طارت" والموقع الرفيع لم يعد في اليد، وتريد أن تفهم الجميع أن عودتها إلى الحكم هي الحل لكل الأزمات وفي المقدمة منها الأزمة المالية المستشرية. إن ظاهرة حرق وتخريب المصارف أمر يستدعي التحقيق لمصلحة من تجري هذه الأعمال التخريبية. ومَن مِن السياسيين يريد العودة إلى السلطة؟ وهل تكون الأزمة المالية بوابة لهذه العودة؟

نقول لهم خافوا الله وخافوا الناس خصوصاً الطبقة المتوسطة التي جمعت مدخراتها بعرق الجبين، فهي ستحاسب وستحاسب بقوة إذا لم يكن بقسوة. فالمثل الشعبي يقول "يا ماكل قوتي يا ناوي على موتي".

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - مجزرة في تاشع العكاريّة.. والوزير ياسين لموقعنا: سيتم تحويل الملف إلى القضاء

خاص- زيارة جزينية ممهورة بختم الثنائي

خاص- الضربة الإسرائيلية أربكت إيران

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!