خاص "اللبنانية"

كلّما أرجئت الاستشارات النيابيّة الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة، تراجعت أوضاع البلد وضعفت هيبة الرئاسة الثالثة وتفاقم الوضع المعيشي وزاد الإحباط.
أمّا الحجّة التي يبرّر بها رئيس حكومة تصريف الأعمال الشيخ سعد الحريري إرجاء الاستشارات، فهي الحفاظ على مقام رئاسة الحكومة لإيهام الطائفة السنّيّة بأنّها لن تنهض إلّا على كاهل رئيس واحد تاريخه حافل بالتنازلات والضياع والاستقالات القسريّة الأقرب إلى الإقالات.

فالرئيس الذي "استقالته" الممانعة في العام 2011 ثمّ بدا كأنّ الرياض قد "استقالته" العام 2017 وسرعان ما أنزلته عن الكرسيّ إرادة الشعب اللبناني محقّقةً لثورة الناس هدفها الأوّل، بفضل غياب مناعته السياسيّة وتضعضع مواقفه الوطنيّة أمام إلحاح مصالحه الماليّة... هذا الرئيس وجد نفسه مضطرًّا إلى الاستعانة بما حسبه سلطة دار الإفتاء لاستنهاض الطائفة السنيّة.
لكنّه اصطدم بدليلين على استحالة الإيهام بحصريّة التمثيل السنّي في شخصه: الدليل الأوّل عدم استجابة بيئته السنّيّة لموقف المفتي وبقاء حشود كثيرة من أبناء الطائفة وبناتها في الساحات محتفظين بزخم الثورة واندفاعها. والدليل الثاني ارتياب حلفائه من الطوائف الأخرى بمواقفه ووعوده بعد الذي تذوّقوه من ضروب التذاكي والتخلّي.

ثلاثة أهداف أساسيّة أعلنتها ثورة اللبنانيّين وكان أكثرها جهوزًا للسقوط الهدف المترنّح بين تنازلاته من حساب طائفته وصلاحيّات مركزه، وتقلّباته غير المتماسكة، وأوضاعه الماليّة التي عكسها مصير مؤسّساته وأهّلته لتهمة الفساد التي أطاحت بحكمه من الأساس.