يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

الحكومة.. كباش سياسي أم انفراج إقتصادي

Friday, December 13, 2019 10:40:23 PM

بقلم حبيب البستاني

يمر لبنان في أزمة مالية لا سابق لها في تاريخه منذ الاستقلال حتى اليوم، وبالرغم من الأزمات الإقتصادية المتكررة التي تمثلت بارتفاع مستوى البطالة الناجم عن انكماش إقتصادي وانخفاض مستوى النمو إلى حوالي الصفر بالإضافة إلى التضخم وانخفاض مستوى الدخل العام، إلا أن الوضع الاقتصادي المتردي لم يحل دون الازدهار المالي فعرفت المصارف اللبنانية حقبات من الازدهار والنمو غير مرتبطة لا بالحروب المتكررة التي تعرض لها لبنان من العام 1975 إلى عدوان تموز المدمر في 2006 وما بينهما، وبعيداً عن الدخول في تحليلات واستناتاجات عما جرى، إنما لا يختلف اثنان أن انعكاس الأزمة السورية ومندرجاتها من وجود أكثر من 1.5 مليون نازح وانكفاء الاستثمارات السورية في لبنان لا سيما المالية منها، مع انخفاض التحويلات بالعملات الصعبة من اللبنانيين في الخارج نظراً للأزمات المالية في دنيا الاغتراب لا سيا في بلدان الخليج، كل هذه الأزمات ترافقت مع تحركات إحتجاجية تقاطعت مع أجندات خارجية، جعلت من لبنان ساحة صراع بين المحور الأميركي وحلفائه من جهة والمحور الروسي الصيني الإيراني وحلفائه من جهة ثانية.

الحل سياسي إقتصادي
هذا المشهد اللبناني المعقد التي تتداخل فيه كل عوامل اللا إستقرار مع المشاكل البنيوية التي يعاني منها القطاع المالي والاقتصادي، والناتجة أصلا عن عدم وجود رؤية إقتصادية مالية علمية ترتكز إلى معطيات موضوعية أدت إلى تفاقم الأزمة، وأدخلت لبنان واللبنانيين إلى عنق الزجاجة، وأصبحت المعالجة تتطلب جهداً مزدوجاً إقتصادي وسياسي، ويخطىء من يظن أن بإمكان العطار أن يصلح ما أفسده الدهر، وبالتالي فإن المعالجات الاقتصادية والمالية هي أكثر من ضرورية وملحة ولكن المعالجات السياسية لا تقل أهمية عن ذلك. فلو افترضنا جدلاً أننا استطعنا من إعادة هيكلة مالية الدولة والدين العام ومكافحة الفساد وإعادة عجلة الاقتصاد إلى الدوران، فإن أقل عامل سياسي محلي دولي أو إقليمي، من شأنه إعادة البلد إلى نقطة الصفر، وأن القصور التي قد يبنيها الاقتصاد ستظل قصوراً على الرمال إن لم تترافق مع تأمين المناعة والحماية السياسية، الكفيلة وحدها بردع تدخلات الخارج والإمساك بالورقة الداخلية وبالشارع أو الشوارع في سبيل استقرار داخلي هو أكثر من مطلوب.

ألحراك والشارع
الجميع يقر بمطالب الشارع وبسيطرة هذا الحراك المتنوع الخلفيات عليه، الموحد في الشكل والمتعدد في المضمون، والذي بلغت فيه الحركة والصخب إن لم نقل الشغب حداً اصبح يشكل خطراً على الحركة الاقتصادية وحياة البلاد والعباد، والتي أدت إلى انخفاض كبير تجاوز ال30% من حركة المطار وأكثر من80% في قطاع الفنادق والمؤسسات السياحية، وإقفال وصرف عمال في مئات المؤسسات التجارية، ولكن كل ذلك لا يعني أن الأحزاب السياسية وجمهورها قد اضمحل وأن مؤيديها قد انتقلوا إلى صفوف الحراك، فالثنائي الشيعي وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الإشتراكي ما زالوا يمثلون الشريحة العظمى كل في بيئته، ومهما قيل من هنا وهناك فإن أي استفتاء أو انتخابات مبكرة وذلك بغض النظر عن القانون الانتخابي، فإن النتائج ستكون نسخة طبق الأصل عن انتخابات 2018 مع تعديلات طفيفة، مع تمثيل للحراك في حال استطاع هذا الأخير التقدم بلوائح موحدة.
ألحريري وحكومة اللون الواحد
إن تشكيل حكومة أي حكومة يجب أن تأخذ بالحسبان كل هذه المعطيات مجتمعة وأنه من الخطأ الدخول في الحلول المجتزأة والمفصلة على القياس، وما نشهده اليوم هو محاولة من رئيس حكومة تصريف الأعمال وفي حال تمت تسميته، لتفصيل حكومة على قياسه متسلحاً بموقف الشارع الذي يطالب بحكومة تكنوقراط، علماً أن تشكيل هكذا حكومة بوجود سياسي على رأسها تعني وبصريح العبارة عملية وضع يد على السلطة الإجرائية Mainmise sur le pouvoir exécutif ، عدا عن أن أنه يشكل عملية إقصاء لكل الشركاء الأساسيين الممثلين في المجلس النيابي، فإذا قبل التيار الوطني الحر فهل يقبل الثنائي الشيعي بعملية الإقصاء هذه؟
إن تشكيل هكذا حكومة هو بمثابة تشكيل حكومة اللون الواحد، التي لا يمكنها أن تحكم بالسهولة التي يتصورها رئيس جكومة تصريف الأعمال. فالمطلوب في هذه المرحلة الدقيقة ليس عملية كباش سياسي بمعنى من " يلوي ذراع من؟ بقدر ما هو تحقيق الانفراج السياسي المطلوب وذلك بتضافر كل جهود الطيبين من ساسة وحراك واختصاصيين، إذ وحدها حكومة تجمع الأفرقاء الثلاثة قادرة على الحكم وقادرة على تحقيق الإصلاحات وإعادة الثقة وإيصال لبنان إلى بر الأمان.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟