خاص "اللبنانية"

جميع المعطيات تشير إلى أن رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري سيعود إلى الرئاسة الثالثة، وأن حزب الله المتمسك به حتى الرمق الأخير مستعد للتضحية بتحالفه "الاستراتيجي" مع العهد كرمى لعيون الحريري. فرئيس التيار العوني جبران باسيل الذي يلوّح بعدم المشاركة بالحكومة المقبلة وأن ينتقل تياره إلى صفوف المعارضة، أصبح على يقين أن حزب الله اختار الحريري عليه على الرغم من كل الدعم الذي قدمه التيار الوطني للحزب منذ أكثر من 15 عاماً.

من الواضح أن الحريري ليس في وارد التخلي عن موقعه في رئاسة الحكومة، رغم استقالته في 29 تشرين الأول، وإعلانه في 26 تشرين الثاني أنه لن يعود إلى الحكومة تحت شعار "ليس أنا بل أحد غيري". نعم، نجح الحريري بابتزاز أطراف تسوية 2016 التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وبه شخصياً رئيساً للحكومة.

استطاع الحريري بتمنّعه أن يدفع حزب الله إلى اختياره على باسيل الذي استمات بالدفاع عنه وعن سلاحه في المحافل الدولية ومن موقعه على رأس وزارة الخارجية. أفهكذا يكافئ حزب الله العهد؟ وأين الوفاء للحلفاء؟

يدرك حزب الله جيداً أن دعمه للحريري يصب في مصلحته ويعود عليه بمنافع أكبر من دعمه لباسيل فالرجل ضعيف وسهل الإنقياد ويمكن السيطرة على قراراته إضافة إلى أن له علاقة بملفات الفساد مع فريق عمله والمحيطين به وخدمات بيروت المتردية خير دليل على ذلك، كما أنه لن ينسى مظلة الحماية التي أمنها له الحزب عندما كان محتجز قسرياً في الرياض إلى أن تم إخراجه بضغط من الحزب والعهد وفرنسا. فثورة 17 تشرين الأول أظهرت النقمة الشعبية على العهد والصهر لا سيما في الشارع المسيحي. أما الحريري المستقيل، فغدا بحسب تعبير مناصريه "كبش المحرقة" الأمين على الناس والحريص على تحقيق مطالبهم. من الكرسي الثالثة التي صارت مكتوبة "باسم الحريري" رغم فضائحه الكثيرة واستقالاته المتكررة..

حسناً، انفرط عقد التسوية وخسر العهد. لكن ماذا عن الاستشارات النيابية الملزمة يوم الإثنين المقبل؟ هل خروج باسيل هو الحل؟ وهل هو الوجه "المستفز" الوحيد للشارع المنتفض؟ أم أن الناس التي سئمت كل الوجوه التي تورطت في إفقار لبنان ستقول كلمتها وترفض أن يترأس الحكومة وجه استفزازيّ آخر، لا سيما أن الشارع السني الذي نزل إلى الساحات لن يخرج منها قبل أن يكشف ألاعيب الحريري وجميع شركائه في السلطة؟