يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

"راكب موجة" الانتفاضة أم ضغط على الشركاء؟

Friday, November 29, 2019 12:35:05 PM

خاص "اللبنانية"

عيد الإستقلال هذه السنة كان بالفعل استثنائياً. فعدا عن الاستقلال "المدني" الذي شهدته ساحتي الشهداء ورياض الصلح، شهدنا على التخبط الذي تعيشه القوى السياسية والذي بدا واضحاً على وجوه الرؤساء الثلاثة في مقر وزارة الدفاع في اليرزة. فهل وصل هؤلاء إلى نقطة اللاعودة على الصعيد الشخصي أيضاً؟ وما مصير موقع الرئاسة الثالثة اليوم في ظل الشلل الحكومي الواضح مع غياب أي نشاط ولا حتى "نفس" لحكومة تصريف الأعمال؟ قد يكون لإعلان الحريري تمنعه عن تكليف جديد لتشكيل حكومة جديدة معانٍ متعددة، لا بد أن يكون أحدها رفض الأطراف المتمكنة من السلطة لشروطه بترؤس حكومة تكنوقراط منفرداً. وقد يكون أيضاً وراء قراره ممارسة مزيد من الضغط على هذه الأطراف التي لطالما كان شريكاً لها في مختلف سياساتها، وبات اليوم في موقع "راكب موجة" الانتفاضة الشعبية العارمة.

لطالما استخدم سعد الحريري الشارع السني في لبنان، وحقق له هذا الشارع ما أراد، وذلك للرابط الذي كان يجمع هذا الشارع بالشهيد الأب الذي يحتل مكانة خاصة في وجدان السنة، ولا سيما أهل بيروت. 13 عاماً من التفرد بالزعامة السنية.. فهل لا يزال الرئيس سعد الحريري الزعيم الأوحد لا سيما مع تنازلاته المتكررة عن صلاحيات رئيس الحكومة، إضافة إلى "ركاكة" في الأداء جعلت منه الحلقة الأضعف بين زعماء الطوائف، ولو كان يقوم اليوم بدور "المضحي" في زمن الثورة.

حتى الأمس القريب، أي قبيل الانتفاضة الشعبية، كانت قيادات الصف الثاني في التيار الأزرق تنفض من حوله والوقائع كثيرة أبرزها ما حصل مع وزير العدل السابق أشرف ريفي ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق. فريفي الذي عمد إلى الاستقالة بشكل مفاجئ من حكومة الرئيس تمام سلام في 21 شباط 2016 من دون التنسيق مع الحريري الذي سمّاه وزيراً للعدل في تلك الحكومة، خاض الانتخابات البلدية في طرابلس بمواجهة تحالف الحريري ورئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، وتمكن ريفي من اكتساح المقاعد البلدية لكنه لم يتمكن من تحقيق ذلك في الانتخابات النيابية عام 2018. وفي شباط 2019 عادت المياه إلى مجاريها بين الرجلين إثر لقاء المصالحة الذي جمعهما في منزل الرئيس فؤاد السنيورة. أما المشنوق الذي غّرد بعيداً من سرب التيار فلا تزال القطيعة بينه وبين الحريري قائمة، وذلك بعد العديد من الخلافات التي بدأت بعد تولي المشنوق لوزارة الداخلية ومع شعور الحريري بأن من عيّنه "يبدّي" مصلحته الخاصة على مصلحة التيار، وطموحات المشنوق في تزعّم الشارع السني.

نعم، تفوّق الرئيس الحريري شعبياً على من سبقه إلى رئاسة الحكومة منذ اتفاق الطائف، تفوّق حتى على والده الشهيد، لكن سر قوة الحريري نابع من خوف الشارع السني من تصاعد قوة الثنائي الشيعي لا سيما ما بعد حرب تموز 2006، وفي 2008 بعد السابع من أيار.

إذا ما نظرنا إلى الحكومات التي ترأسها الحريري، نراه يتلقى الضربة بعد الأخرى. فمن استقالة ثلث وزراء حكومة 2009 زائد واحد، إلى الاستقالة التي أجبر على تقديمها من المملكة العربية السعودية التي كانت الداعم الأول له عام 2017، و"العوْنة" من الرئيس عون والثنائي الشيعي لإعادته حراً من المملكة في وقت تخلى عنه الحلفاء، إلى انتخابات 2018 التي خسر فيها الكثير من ناخبيه، إلى "انشقاق" البعض عن التيار الأزرق، يعود الحريري اليوم وبعد الاستقالة رضوخاً لمطالب ثورة 17 تشرين الأول، وحيداً بسبب إصراره على التفرد بالزعامة رافضاً مد اليد إلى أي سنيّ آخر قد يزاحمه على "إرث أبيه" وعلى موقع بات مهدداً بسبب تخليه مراراً عن الصلاحيات التي أناطها اتفاق الطائف بموقع رئاسة الحكومة، حتى عن صلاحيات قد تخوّله توظيف ناخبيه من أهل بيروت، أول داعميه، في وظائف تتقاسمها الأطراف الممسكة بالسلطة بعيداً حتى من مجلس الخدمة المدنية.

إن تمسك الرئيس الحريري بالتفرد بزعامة السنة كان السبب الرئيس في سقوطه شعبياً وسياسياً ودولياً. فـ"في الاتحاد قوة" نقولها للرئيس الحريري إذا عاد إلى رئاسة الحكومة أن يعيد لموقع رئاسة الحكومة صلاحياته وأهميته، وإذا ما أراد أيضاً أن يطمئن الشارع السني الذي لا يفتقد إلى القيادات الحكيمة التي لم يضعفها إلا محاولات الاستئثار بالسلطة.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الضربة الإسرائيلية أربكت إيران

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!

خاص - بسبب السرقة.. جريمة في العزونية قضت على أستاذ ثانويّ

خاص - المهندسون المستقلون ينحازون لجانب المعارضة؟!