يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

وما زال اللاعبون.. يلعبون

Saturday, November 9, 2019 10:33:04 PM

خاص "اللبنانية"
زهير فاضل

انتفاضة سمّيت حراكًا، ثورةً، مؤامرة حسب موقع من يسمّيها، وراهن المنزعجون على إنهاكها بالتجاهل وإخمادها عبر رشقها باتّهامات كانت حتّى الأمس القريب تحيي الغرائز وتخدّر العقول، فحاولوا استدراجها إلى إعلان قيادة بغية تخوينها وتشويه سيرة أعضائها، وحين لم تسقط الثورة في هذا الفخّ راحوا يدّعون أنّها "فشلت في توحيد صفوفها تحت قيادة واحدة واضحة".

غير أنّ الثورة بدت منسّقة على امتداد المناطق، مستنفرة في مختلف المراحل، متكيّفة مع كلّ التحوّلات، ومستشرفة لكلّ خطط السلطة المستهلكة والخالية من أيّ ابتكار.

لم يفهم أهل السلطة أنّ للشعب فطنته، وللوجدان العامّ منطقه، وللثائر حدسه. لذلك بقي الشارع يردّد شعاره غير الإنشائي: "كلّن يعني كلّن"، والسلطة تحوّل الشعار ذريعة للتفاوض بأسلوبها القديم المهترئ.

ما كادت الثورة ترسل تحيّة عرفان للرئيس سعد الحريري على قراره بالاستقالة، حتّى تهيّأ للسلطة أنّها بدأت تستوعب "الحراك" وتتمكّن من الإمساك بقراره.

فاتها أنّ الثورة قد ربتت على كتف من استجاب لأوّل مطلب باستقالته وهمّها أن تفشل محاولات السلطة الرامية إلى إيقاظ فتنة طائفيّة باعتبار الاستقالة هزيمة للطائفة السنيّة.

لكنّ الثورة تنطق بلغة نضال جديدة منبثقة من شقاء الناس وإصرارهم على حقوقعم الحياتيّة، واللاعبون الكبار في السياسة التقليديّة المدمّرة ما زالوا يتبعون أساليب اللعب نفسها ولا يوفّقون، فيسيئون فهم الرسائل والمواقف الجديدة جدًّا على طريقة فهمهم.

ألآن يأمل السلطويّون في تكريس سعد الحريري رمزًا لأهل السنّة لا يجوز المسّ به. فإمّا أن يقوم هو بتشكيل الحكومة أو بتسمية من يراه على رأس التشكيلة.

والظاهر للعيان أنّ سعد الحريري شخصيًّا لا يمكنه ترؤَس حكومة تضمّ وجهًا استفزازيًّا من أوجه السلطة المرفوضة قلبًا وقالبًا خارج حلفها السياسي.

والحقيقة الأكثر عمقًا وخطورة أنّ منطق الثورة لا يتيح لأحد أن يخاطبها من موقع مَن يحتكر قرار طائفته في "الدولة المدنيّة" المرجوّة.

والطائفة السنيّة الكريمة لا تسمح أصلًا بأن توضع اليد عليها وأن يحوّلها أصحاب المشاريع الماليّة "الضخمة" سترة تحمي صفقاتهم أو تعيق جانبًا من جوانب ملاحقة الفساد في الإدارة اللبنانيّة، خصوصًا بعدما بدأت معالم هذا الفساد تتّضح ولا توفّر طرفًا من أطراف التسويات والمساومات التي يكثرة تنوّعها وتناقض أطرافها تركت لبنان يغرق في كلّ نتائج الفساد القاتلة والمقرفة من دون أن يصار إلى توجيه تهمة واضحة وصريحة إلى جهة أو شخص أو "عصابة" معيّنة.

ألطائفة السنّيّة وغيرها من الطوائف الكريمة لن تكون أداة لأحد. والطريق إلى الدولة المدنيّة لا تمرّ من خلال حماية الفاسدين بحجّة انتمائهم إلى "إيمان مقدّس" بدين سماويّ يأمر بالخير وينهى عن المعاصي، أقلّه إلى أن تثبت براءة من تشملهم عبارة "كلّن يعني كلّن".

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

ميقاتي: نعمل على تجنّب الانزلاق نحو حرب شاملة

خاص- معظلة أزمة السير في بيروت

خاص- القوارب جاهزة للذهاب إلى قبرص

خاص- لا حركة تُذكر

خاص - تهريبُ البشر بحراً ... شغّال ومش شغّال!

خاص- جمعيات خسرت أموالها

خاص- كوارث الموسم الصيفي!

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات