بقلم وليد المحب

بينما كنت متوجها إلى ساحة الشهداء للمشاركة بالمظاهرة، استوقفني شاب يقود دراجة صغيرة، بدا للوهلة الأولى مُريبا، لكن عندما التقت عيناي بعينيه قلت:
- كأني شايفك قبل هلأ؟!
- أكيد أكيد، انت مرة خدمتني خدمة ما بنساها بحياتي، لما كنت عالموتسيك مقطوع من البنزين بنص الليل، يومتها أنا دعيت الله يوقفلي ابن حلال، ما لقيتك إلا ضربت فرام حدّي وأخدتني عالمحطة وجبنا غالون بنزين.
- مزبوط مزبوط، تذكرتك، بس هاي من زمان كتير، كيف بعدك مذكرها، عنجد انت ابن أصل وأهل وفا.
- معقول ننسى الأوادم؟ ركاب معي خليني وصلك وردّ الجميل.
- لا شكرا، صفّيت سيارتي قريب ورح كمّل مَشي لساحة الشهدا.
- يعني انتَ مشارك بالمظاهرة؟
- أكيد، إمشي معي.
- لك أنا عيوني إلك، بس.. بس..منحـ.. منحكي بالعقل شوي؟
- منحكي بالعقل كتير.
- انا عنصر بـ (ذكر اسم ميليشيا) وبيّي استشهد من زمان بالحرب، ومسؤول الميليشيا عنا بالمنطقة بيعطي امي مصاري كل شهر، وهي مريضة وبتشتري إدوية كتير. شو بدّو يصير فينا إذا ربحت الثورة؟!
- سؤالك وجيه، رح جاوبك، امك الها حق عند وزارة الشؤون الاجتماعية يللي لازم تعزّز امك وتكرّمها أوّل ما يصير عنا وطن متل العالم والناس.. انت هلأ مرتاح بحياتك؟!
- مرتاح بحياتي؟! أي مرتاح؟! وحق الله مكسور عليي أجار البيت، وما معي ادفع قسوطة مدارس الاولاد.. لو بتشوف غيري من الشباب حالتهم أسوأ مِن حالتي، كلهم حبحبجيّي وبيشكّوا أبر حتى ينسوا همومهم.
- حبيبي، الله يعينّا كلنا ويفرجها على هالبلد، تبقى فكّر نزال عالمظاهرات وساهم بإنجاح الثورة حتى نعيش كلنا حياة متل العالم والناس.
- بوعدك رح فكر فيها أكتر، أصلا الفكرة موجودة عند الشباب.
- باي.. باي
الخلاصة: على الثوّار ان يمدّوا جسور ثقة وأن يعطوا رسائل تطمين للآخرين، فالخير موجود في نفوس كل الناس وواجبنا استخراجه.