يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

الجيش فوق النقاش

Wednesday, September 18, 2019 9:10:03 AM

بقلم النائب البروفسور فريد البستاني - الجمهورية

شكل دخول العميل عامر الياس الفاخوري إلى لبنان عبر مطار بيروت موضوعا لجدل واسع سياسيا وإعلاميا، وقد إنطلقت ملاحقات وتحقيقات قضائية في الموضوع معه وحول كيفية تسهيل دخوله ومن عاونه ومن ساهم بذلك، لكن ذلك لم يكن كافيا لإنهاء الجدل المفتوح حول الموضوع، وهو جدل صحي إذا بقي تحت سقف الوطن والقانون، بعيدا عن اللغة الطائفية وإستعادة الإنقسامات التي رافقت مرحلة سوداء في تاريخ لبنان.
ليس للتعامل مع العدو طائفة ولا دين، ولا عفو عن متعامل إلا إذا نص على ذلك قانون، وبحدود تحترم أصول القانون التي تحفظ الحقوق الشخصية للمتضررين، ولا تشمل إطلاقا التمادي في جرم العمالة، الذي يجمع اللبنانيون على توصيفه جرما، ويجزم القانون شأن هذا التوصيف.
القضية التي تستحق التوقف عندها هي ما طال الجيش اللبناني من شظايا مؤذية ومؤلمة في هذا النقاش الذي تحول ضجيجا وصخبا، وفي بعض الأحيان سجالا وتبادلا للإتهامات، فوصل البعض في خروجه عن السياق الوطني في التعامل مع الموضوع، إلى الزج بالجيش اللبناني وقائده في التلميح والتصريح، ومنها نشر صورة تجمع قائد الجيش أثناء حفل عام في واشنطن بعدد من المشاركين ظهر من بينهم هذا العميل، وهو أمر يحدث مع اي شخصية عامة في أي مناسبة مفتوحة، والتساؤلات حول معنى وجود العميل في الحفل لا يوجّه للجيش ولا لقائده، بل إن نشر الصورة بذاته وترويجها وطرح التساؤلات حولها تعبير عن إستسهال للتداول بأيقونة من ايقونات الوطن التي يفترض ان تبقى فوق التداول والتناول.
أضيف للتصرفات الطائشة في التعامل مع الموضوع وتوسيع شظاياه لتطال الجيش اللبناني ذكر وجود أحد الضباط الذي تولى القيام بمرافقته، وهو اليوم قيد التحقيق، لكن ذلك لم يكن كافيا لوضع الأمر في نصابه وسحبه من التداول.
القضية التي لا ننتبه لخطورتها أحيانا بفعل إنفعالاتنا وعصبياتنا، وإستسهال تناولنا للكبائر في معرض نية تسجيل نقاط بحسابات صغيرة، ولو تحت عنوان قضية كبرى، كتحصين بلدنا بوجه الإختراقات، هي أن الجيش اللبناني وقائده وضباطه يجب أن يبقوا خارج التداول والتناول، وهذا لا يعني أنهم ليسوا بشرا، أو أنهم معصومون عن الأخطاء، بل لأنهم ببدلاتهم العسكرية ورتبهم ومواقعهم أكبر من اشخاصهم، ويرمزون للمؤسسة التي يجب أن تبقى كمؤسسة معصومة عن الخطأ وموضوع ثقة مطلقة بوطنيتها، وأهليتها لحماية الوطن، تحصنها دماء شهدائها ووقفات العز والبطولة التي تزين تاريخها، وبقوة هذه الأبعاد تملك المؤسسة آليات وأطر للتحقيق والمحاسبة تجاه ما يقوم به المنتسبون إليها، والثقة المطلقة بالمؤسسة يجب أن تكون ثقة بهذه الآليات والأطر، ومتى علمنا حجم الضرر الذي نجلبه على بلدنا عندما نتقبل فكرة التشكيك بهذه المؤسسة الوطنية الرائدة والنبيلة، خصوصا عندما نُصيب معنوياتها، وشهامتها، سندرك أنه مهما حصل من مساوئ وأخطاء، نسب بعضها لعناصر في المؤسسة العسكرية، فالواجب الوطني يقتضي أن نُبقي المؤسسة فوق النقاش، وان نُبقي الثقة بنزاهتها ووطنيتها، وشهامة ونزاهة رموزها وعلى رأسهم قائد الجيش فوق كل شبهة، فهذا رصيد للوطن، وحصانة لوحدته التي تبدأ من الوحدة حول جيشه، وحصانة لنا نحن كمواطنين بقوة وتضحيات هذه المؤسسة، التي حمتنا وتحمينا في كل محنة وكل إمتحان.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟