يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

الموازنة تنزلق الى الصراع السياسي: خلاف على التوقيت و"الأبوة"!

Thursday, May 23, 2019 7:48:55 AM



تجاوزت الانطباعات التي تركها "تعطيل" اعلان اقرار الموازنة أمس في نسختها التي كان يفترض ان تكون الاخيرة، الاطار المعلن عنه حكومياً بانه لاعطاء فرصة اضافية لخفض اضافي للعجز، الى دلالات اخرى غير مالية لم تعد خافية على احد. ذلك ان الجلسة الـ17 في سياق جلسات مجلس الوزراء لانجاز الموازنة بدت في الاجواء التي سبقتها وواكبتها والنتائج التي أفضت اليها بمثابة تأكيد ما لا لم تعد ثمة حاجة الى تأكيده وهو انزلاق استحقاق الموازنة الى الصراع السياسي الخفي - العلني على "أبوتها" وتاليا القرار الذي يتحكم بهيكليتها النهائية وهو صراع تمدد الى الشكليات بمعنى التحكم بتوقيت ولادة الموازنة بكل ما يعنيه ذلك من عراضات للقوة السياسية.

وقالت مصادر وزارية مطلعة على المناقشات الجارية داخل مجلس الوزراء وخارجه لـ"النهار" ان أي فريق لا يمكنه الاعتراض على مزيد من الجلسات والمناقشات اذا كان هدفها تحقيق مزيد من الخفض للعجز وهو الامر الذي جعل الوزراء جميعا أمس يسلمون بطلب الرئيس الحريري أخذ مهلة اضافية الى ما بعد ظهر الجمعة لدرس الافكار والاقتراحات التي طرحها باسيل ووزراء آخرون سواه. ولفتت المصادر الى ان هذا الجانب لم يحجب حقيقة سلبية تتربص بخلفية التأجيل الجديد لبت الموازنة التي كان مفترضاً ان تنجز أمس وان يعقد الرئيس الحريري ووزير المال مؤتمرا صحافيا لشرح كل ما يتصل بها وبالمؤشرات الايجابية لخفض العجز وكذلك لايضاح كل ما يتعلق بالرواتب والتعويضات وما اثارته من اضرابات واعتصامات واحتجاجات. وأفادت ان الدلالات السلبية للارجاء والاجواء المتوترة التي تحكمت بجلسة مجلس الوزراء أمس ولو من دون مشادات حادة وعنيفة تعود في شكل واضح الى الاجواء الاستفزازية التي أثارها اصرار الوزير باسيل على ان يكون اقرار الموازنة بتوقيته وبعد ادخال مزيد من التعديلات كان يمكن طرحها منذ بدء الجلسات وعدم تركها الى اللحظة الاخيرة التي احرج عبرها رئيس الوزراء والوزراء الآخرين. 
اضافت المصادر ان ما يثير الاستغراب ان هذا النمط اتبع سابقا في استحقاقات عدة منها على سبيل المثال لا الحصر تشكيل الحكومة نفسها وقبلها التوافق على قانون الانتخاب ونماذج أخرى، لكن ما يمكن تبريره في المناورات السياسية لا يصح على استحقاق مالي خطير تقف البلاد باسرها منتظرة نهايته لتبين وجهة الانقاذ المرجو من اقرار موازنة تقشفية بالحد الادنى المتاح والضروري. ولم تخف المصادر أيضاً تساؤلات قالت إنها تملأ الكواليس السياسية عما اذا كانت ثمة اهداف سياسية وراء عرقلة ولادة الموازنة لدوافع تتصل بالصراع على "أبوتها" ولماذا تلزم قوى أساسية في الحكومة بدءا برئيسها جانب المهادنة أو المسايرة الزائدة حيال هذا النهج الذي بدأ يهدد بفتح مواجهة حادة بالاضافة الى تأخير مسار اقرار الموازنة في مجلس الوزراء ومجلس النواب مع التداعيات التي ستنشأ عن ذلك؟ 

كفّ عفريت! ورغم اعتبار مهلة 48 ساعة هي المهلة الأخيرة لدراسة الموازنة قبل تحويلها إلى المجلس النيابي، فقد خرجت محطة "أو تي في"، تحت عنوان "بتخلص بس تخلص"، الذي سبق أن ردده الوزير جبران باسيل، لتشير إلى أن "الموعد المقبل الجمعة، وإن لم يكن الجمعة، فالاثنين أو الثلاثاء وربما أكثر، لأن عامل الوقت لن يكون ضاغطاً هذه المرة، تماماً كأيّ عاملٍ مفتعل آخر، كالشعبوية والمزايدة أو التلويح بالوقوع في المحظور…". وتأتي هذه المقدمة لتؤكد إصرار باسيل على مناقشة كل ما ورد في التقرير الذي قدمه، علماً أنه سيكون له كلمة اليوم (عند الخامسة عصراً)، يتناول فيها ملف الموازنة، بعد اجتماع استثنائي يعقده تكتل "لبنان القوي". ولمّحت مصادر في التكتل، لـ "الأخبار"، إلى إمكان إعلان باسيل رفضه إقرار الموازنة بصيغتها الحالية، وضرورة إعادة النظر بها، مهما كان الوقت الذي ستحتاج إليه. ويرفض باسيل التلويح بسيف الوقت، معتبراً أن إقرار موازنة تتضمّن رؤية اقتصادية يستحق تأجيل بتّ الموازنة أياماً قليلة. في المقابل، يقول "معارِضو" باسيل في مجلس الوزراء انه "يحتجز الموازنة لأهداف لا صلة لها بالرؤية الاقتصادية، بل لأهداف تتصل برغبته في الظهور بمظهر الممسك بقرار الحكومة". في المقابل، لوّح الرئيس سعد الحريري، مع نهاية جلسة أمس، بإمكان اللجوء إلى التصويت على الموازنة، إذا استمر الخلاف بين خليل وباسيل. ويمسك الأخير بورقة الثلث المعطِّل، لأن الموازنة تُقَرّ بالثلثين. خلاصة ما تقدّم أن مشروع الموازنة بات على كفّ عفريت! 

مخاض غير سهل! وفي تقدير مصادر وزارية، ان من الصعوبة التكهن بموعد الانتهاء من إنجاز مشروع الموازنة، في ظل مخاض اتضح انه غير سهل كمعظم الاستحقاقات اللبنانية، حيث لم تصل مناقشات مجلس الوزراء امس الى الخاتمة السعيدة لإقرار مشروع موازنة، كما كان متوقعاً، بل تأجل اقرارها الى يوم غد الجمعة، بعدما رفعها رئيس الحكومة سعد الحريري إثر مناقشات مطولة لمقترحات قدمها وزير الخارجية جبران باسيل وبلغ عددها 12 اقتراحا، ورأى فيها العديد من الوزراء حسبما قالوا لـ"اللواء" انها دوران في الحلقة ذاتها ولم تقدم جديدا يُذكر الا في اماكن محددة لكنها لا توفّر مبالغ كبيرة للخزينة لخفض العجز، ولا تستأهل تأخير الموازنة اكثر من ذلك خاصة انه جرى بحثها مرارا، مثل خفض موازنات الوزارات اكثر ورواتب الموظفين الرسميين، وخفض التقديمات للجمعيات، وهو ما اثار جدالا بين باسيل وبين وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان الذي رفض المسّ بالتقديمات للجمعيات بعدما اجرى التخفيضات اللازمة عليها، وطرح باسيل ايضا تعديل بعض قوانين البرامج لخفضها اكثر، والغاء وزارة المهجرين، وتعديل التدبير الرقم 3 للعسكريين، اخضاع مصرف لبنان للضريبة على الفوائد، وقف التهرب الضريبي والجمركي، رفع الرسم على البحص والرمل من الف الى 1500 ليرة، وضع سقف 10 ملايين ليرة للمنح المدرسية للموظفين، فرض رسوم على اليخوت، والغاء التوظيفات الاخيرة التي حصلت خلافا للقانون وشملت نحو 5 الاف موظف. 
وذكرت المصادر الوزارية ان هناك مقترحات اهم جرى بحثها ويجب ترجمتها فوراً على الارض مثل مكافحة التهرب الجمركي والضريبي ورفع تخمينات مخالفات الاملاك البحرية وسواها من مقترحات. 

الحريري الى بعبدا: وكشف مصدر مطلع لـ "اللواء" ان الرئيس الحريري سيزور قصر بعبدا اليوم، على الأرجح، قبل عقد الجلسة رقم 19، للتفاهم مع الرئيس ميشال عون حول ما يجب عمله لإنقاذ الموازنة، واخراجها من المأزق. 
وقال المصدر "ان الرئيس الحريري إزاء الطروحات التي قدمت في الجلسة، أصرّ على رفع المناقشات، وإعطاء مهلة للتفاهم على الاقتراحات التي طرحت، من دون ان يكون راضياً عن سير المداخلات. 
وافادت "اللواء" ان باسيل أعاد البحث إلى نقطة الصفر، عندما أعاد طرح التدبير رقم 3، وطالب بإدراج الورقة التي قدّمها في مواد الموازنة، مطالباً بتخفيض جديد لموازنات كل الوزارات. 
وحذرت مصادر وزارية من تعطيل عمل الوزارات، أو دفع البلد إلى انكماش اقتصادي خطير. 

"بدنا نخلص": وفي المعلومات ان باسيل لم يكن مستفزاً بكلامه، لكنه بدا مصراً على طرحه الى حدّ العناد، وقال: "كلنا بدنا موازنة، وتصوير الأمر وكأنه إذا لم ننتهِ يعني سيكون هناك رابح وخاسر هو غير صحيح، نحن باستطاعتنا ان نفعل المزيد حتى لا نصل الى وقت نقوله فيه للناس "ما بقى فينا ندفع"، فلا أحد يأخذ الأمر وكأنه صراع أو خلاف شخصي". 
واقترح الحريري رفع الجلسة باستياء، وبدا على وجهه التوتر والتعب. فتدخّل الوزير ابو فاعور وقال: "نحترم قرارك الشخصي، لكن لا يجوز أن ننهي الجلسة بأجواء سلبية قد تخلق بلبلة في الأسواق، ونتمنى اعطاء فرصة أخيرة، يمكن تبنّي بعض ما طرحه باسيل. وأقترح تحديد الجلسة المقبلة بعد التشاور مع رئيس الجمهورية ومن لديه مسائل عالقة فليقدّمها على ورقة". 
وقال الحريري: "نحن نعدّ موازنة 2019، ويجب ان تعلموا انّ النتيجة جيدة، وفي موازنة 2020 سنصل الى عجز 6,5% مع تخفيض عجز الكهرباء، غداً ( اليوم) لا جلسة لمجلس الوزراء، سنعود الجمعة "بدنا نخلص"، واذا لا، فالاثنين .. "أديش بدّي كون صبور"، أظن انّ "التنزيل" كافٍ، والمنظمات الدولية كانت تتوقع 9%، لكننا استطعنا الوصول الى 7,5%، فلتأخذوا 48 ساعة، ومن لديه مقترح ليناقشه معي او مع وزير المال غداً، "الجمعة بدنا نخلص". 

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

ارتفاع سعر الذهب بشكل جنوني!

لماذا تتعمّد شركة توتال تأخير تقرير الحفر بالبلوك 9؟

"الزومبي»:شبح سلبي يعبرعن واقع المصارف في لبنان

بالتعاون مع وزارة الاتصالات اختتام النسخة السابعة من مسابقة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات في لبنان

"مشروع وطن الإنسان" احذروا إحياء الشوائب..

بروتوكول تعاون بين جمعية بيروت بخير وجامعة بيروت العربية لتوفير الخدمات الصحية للمرضى المحتاجين

جمعية تجار صيدا أعلنت فتح الأسواق ليلا بدءا من الإثنين وحتى ليلة عيد الفطر

بوشكيان يتابع العلاقات بين لبنان وألمانيا