يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

"سيدر" المالي فرصة.. لكننا نريد "سيدر" إقتصادي أيضا

Wednesday, May 22, 2019 9:18:01 AM

بقلم النائب البروفسور فريد البستاني

مع تقدم مناقشات الموازنة العامة للدولة، والاتجاه الإصلاحي الهادف لتخفيض الإنفاق وزيادة الواردات، والسعي لإصلاح الخلل في ميزان المدفوعات والميزان التجاري، بصفتهما المجالين الرئيسيين للتعبير عن الخلل الاقتصادي، وتأثيراته المالية، سيشكل ما يصل لبنان من عائدات من مؤتمر سيدر الذي قرر منح الدولة اللبنانية قروضا تتجه في أغلبها للبنى التحتية، فرصة لتعويض الكثير من الجفاف المالي الناجم عن تقشف الموازنة في ارقام الإنفاق، ويخفض من عناصر الركود التي تنشأ عن كل خفض للإنفاق الحكومي، والركود عموما ينعكس بانخفاض لاحق للواردات فتدخل الدولة ويدخل معها الإقتصاد في حلقة مفرغة من التدهور، وأهمية مساهمات سيدر أنها تسهم في تخفيف النتائج السلبية لخفض الإنفاق الحكومي .
إنخفاض الموازنة الإستثمارية اصلا واحدة من مشكلات الموازنات اللبنانية المزمنة، وانعدام الموازنة الاستثمارية الداعمة للإنتاج في إنفاق الدولة بذاته يشكل سببا للركود الإنتاجي، وتصير الحركة التي ينشطها الإنفاق الحكومي ذات طابع إستهلاكي، وهي ضرورية ومطلوبة، وتقوم عليها التجارة وأغلب حركة المصارف، وتخفيض هذا الجانب من الإنفاق سيصيب الإستهلاك حكما ببعض الإنكماش، فيصير الإنفاق الناجم عن إستثمارات في البنى التحتية مصدرا لتعديل ميزان المدفوعات، لكنه لايغير شيئا في الميزان التجاري، ولا يعوض الكثير من الإنكماش الاستهلاكي لأنه إنفاق محدود بين الدولة والمقاولين وأسواقهم التشغيلية .
نحتاج إلى جانب "سيدر" المالي، إلى "سيدر" إقتصادي، وهو أقل عبئا على المستثمرين الأجانب وأقل مخاطرة لهم، من "سيدر" المالي، والمقصود ليس المؤتمر بذاته، بل رمزية الفكرة، القائمة على حشد مستثمرين مستعدين لتقديم قروض بأسعار فائدة ضئيلة ولمهل زمنية طويلة، لكن هذه المرة من القطاع الخاص وللقطاع الخاص، وهو سعي ممكن التحقيق جدا وبجهود أقل من جهود إقناع العالم بالإستثمار في قروض للدولة اللبنانية، فالقطاع الخاص في لبنان صاحب سمعة حسنة والمصارف اللبنانية التي ستتولى إدارة هذه القروض ذات مصداقية عالية، ومصرف لبنان الذي سيرعى هذه العملية، يحظى بمكانة مرموقة في الأسواق العالمية المالية .
ما ندعو إليه هو مبادرة مدروسة بعناية، قطاعيا وماليا ومصرفيا، لدعوة المصارف العالمية الكبرى وكبار المساهمين في الأسواق المالية، للمساهمة بتوفير قروض ميسرة للقطاع الخاص اللبناني، عبر المصارف اللبنانية وبرعاية مصرف لبنان، تحدد مجالات الإفادة منها بالتوازن المدروس بين قطاعات الصناعة وانواعها ومجالاتها المجدية، والزراعة والسياحة والعقارات والإسكان والتجارة، وهذه القروض الميسرة بحجم أسعار الفوائد المتدنية ومهل السداد الطويلة الآجال، وحدها تنعش الإقتصاد، وتوفر ردم الفجوة بين أسعار الفوائد على الإستثمار في المجالات الإقتصادية ونسب الربح المتوقع للإستثمار، و هي الفجوة التي بسببها يحجم المستثمرون عن الإقدام، فأغلبهم يحفظ أمواله الخاصة وربما يوظفها بفوائد مرتفعة في سندات الخزينة بما يفوق أي ربح متوقع لإستثمارها، ويحجم عن الإستدانة بأسعار فوائد عالية يدرك صعوبة تحقيق ربحية تمكنه من سدادها.
إن تحقيق التزامن بين "سيدر" المالي و"سيدر" الإقتصادي، وحده يمنح لبنان فرصة تحويل الموازنة التقشفية إلى موازنة إصلاحية، وجعل القروض الميسرة في سيدر المالي ذات جدوى أكيدة، لأنه يقوم بزيادة حجم الإقتصاد وعبره زيادة حجم واردات الدولة، وخلق فرص العمل التي تخفف الضغط على طلبات التوظيف في القطاع العام، ويعيد تعديل أسعار الفوائد في الأسواق، ما يريح المالية العامة في ميدان خدمة الدين، كحصيلة غير فورية لكن أكيدة .

النهار

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟